responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 228
أَن للشَّيْطَان لمة بأبن آدم وللملك لمة فَأَما الشَّيْطَان فيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ وَأما لمة الْملك فايعاد بِالْخَيرِ وتصديق بِالْحَقِّ فَمن وجد ذَلِك فَليعلم انه من الله وليحمد الله وَمن وجد الآخر فليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثمَّ قَرَأَ الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم الْفَحْشَاء وَقد رَوَاهُ عَمْرو عَن عَطاء بن السَّائِب وَزَاد فِيهِ عَمْرو قَالَ سمعنَا فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ يُقَال إِذا أحس أحدكُم من لمة الْملك شَيْئا فليحمد الله وليسأله من فَضله وَإِذا أحس من لمة الشَّيْطَان شَيْئا فليستغفر الله وليتعوذ من الشَّيْطَان
فصل فَالنَّفْس المطمئنة وَالْملك وجنده من الْإِيمَان يقتضيان من النَّفس
المطمئنة التَّوْحِيد وَالْإِحْسَان وَالْبر وَالتَّقوى وَالصَّبْر والتوكل وَالتَّوْبَة والإنابة والإقبال على الله وَقصر الأمل والاستعداد للْمَوْت وَمَا بعده والشيطان وجنده من الْكفْر يقتضيان من النَّفس الأمارة ضد ذَلِك وَقد سلط الله سُبْحَانَهُ الشَّيْطَان على كل مَا لَيْسَ لَهُ وَلم يرد بِهِ وَجهه وَلَا هُوَ طَاعَة لَهُ وَجعل ذَلِك إقطاعه فَهُوَ يَسْتَنِيب النَّفس الأمارة على هَذَا الْعَمَل والإقطاع ويتقاضى أَن تَأْخُذ الْأَعْمَال من النَّفس المطمئنة فتجعلها قُوَّة لَهَا فَهِيَ أحرص شَيْء على تَخْلِيص الْأَعْمَال كلهَا وَأَن تصير من حظوظها فأصعب شَيْء على النَّفس المطمئنة تَخْلِيص الْأَعْمَال من الشَّيْطَان وَمن الأمارة لله فَلَو وصل مِنْهَا عمل وَاحِد كَمَا يَنْبَغِي لنجابه العَبْد وَلَكِن أَبَت الأمارة والشيطان ان يدعا لَهَا عملا وَاحِدًا يصل إِلَى الله كَمَا قَالَ بعض العارفين بِاللَّه وبنفسه وَالله لَو اعْلَم أَن لي عملا وَاحِدًا وصل إِلَى الله لَكُنْت أفرح بِالْمَوْتِ من الْغَائِب يقدم على أَهله وَقَالَ عبد الله بن عمر لَو أعلم أَن الله تقبل مني سَجْدَة وَاحِدَة لم يكن غَائِب أحب إِلَى من الْمَوْت {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}
فصل وَقد انتصبت الأمارة فِي مُقَابلَة المطمئنة فَكلما جَاءَت بِهِ تِلْكَ من خير
ضاهتها هَذِه وَجَاءَت من الشَّرّ بِمَا يُقَابله حَتَّى تفسده عَلَيْهَا فَإِذا جَاءَت بِالْإِيمَان والتوحيد جَاءَت هَذِه بِمَا يقْدَح فِي الْإِيمَان من الشَّك والنفاق وَمَا يقْدَح فِي التَّوْحِيد من الشّرك ومحبة غير الله وخوفه ورجائه وَلَا ترْضى حَتَّى تقدم محبَّة غَيره وخوفه ورجائه على محبته سُبْحَانَهُ وخوفه ورجائه فَيكون مَاله عِنْدهَا هُوَ الْمُؤخر وَمَا لِلْخلقِ هُوَ الْمُقدم وَهَذَا حَال أَكثر هَذَا الْخلق وَإِذا جَاءَت تِلْكَ بتجريد الْمُتَابَعَة للرسول جَاءَت هَذِه بتحكيم آراء الرِّجَال وأقوالهم على الْوَحْي وَأَتَتْ من الشّبَه المضلة بِمَا يمْنَعهَا من كَمَال الْمُتَابَعَة وتحكيم السّنة وَعدم الِالْتِفَات إِلَى آراء الرِّجَال

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 228
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست