responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 218
يَشَاء من عباده لينذر يَوْم التلاق وَقَالَ تَعَالَى {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ من أمره على من يَشَاء من عباده أَن أنذروا أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاتقون} وسمى ذَلِك روحا لما يحصل بِهِ من الْحَيَاة النافعة فَإِن الْحَيَاة بِدُونِهِ لَا تَنْفَع صَاحبهَا الْبَتَّةَ بل حَيَاة الْحَيَوَان البهيم خير مِنْهَا وَأسلم عَاقِبَة
وَسميت الرّوح روحا لِأَن بهَا حَيَاة الْبدن وَكَذَلِكَ سميت الرّيح لما يحصل بهَا من الْحَيَاة وَهِي من ذَوَات الْوَاو وَلِهَذَا تجمع على أَرْوَاح قَالَ الشَّاعِر
إِذا ذهبت الْأَرْوَاح من نَحْو أَرْضكُم ... وجدت لمسرها على كَبِدِي بردا
وَمِنْهَا الرّوح وَالريحَان والاستراحة فسميت النَّفس روحا لحُصُول الْحَيَاة بهَا وَسميت نفسا إِمَّا من الشَّيْء النفيس لنفاستها وشرفها وَإِمَّا من تنفس الشَّيْء إِذا خرج فلكثرة خُرُوجهَا ودخولها فِي الْبدن سميت نفسا وَمِنْه النَّفس بِالتَّحْرِيكِ فَإِن العَبْد كلما نَام خرجت مِنْهُ فَإِذا اسْتَيْقَظَ رجعت إِلَيْهِ فَإِذا مَاتَ خرجت خُرُوجًا كليا فَإِذا دفن عَادَتْ إِلَيْهِ فَإِذا سُئِلَ خرجت فَإِذا بعث رجعت إِلَيْهِ
فَالْفرق بَين النَّفس وَالروح فرق بِالصِّفَاتِ لَا فرق بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا سمي الدَّم نفسا لِأَن خُرُوجه الَّذِي يكون مَعَه الْمَوْت يلازم خُرُوج النَّفس وَإِن الْحَيَاة لَا تتمّ إِلَّا بِهِ كَمَا لَا تتمّ إِلَّا بِالنَّفسِ فَلهَذَا قَالَ
تسيل على حد الظباة نفوسنا ... وَلَيْسَت على غير الظباة تسيل
وَيُقَال فاضت نَفسه وَخرجت نَفسه وَفَارَقت نَفسه كَمَا يُقَال خرجت روحه وَفَارَقت وَلَكِن الْفَيْض الاندفاع وهلة وَاحِدَة وَمِنْه الْإِفَاضَة وَهِي الاندفاع بِكَثْرَة وَسُرْعَة لَكِن أَفَاضَ إِذا دفع بإختياره وإرادته إِذا انْدفع قسرا وقهرا فَالله سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يفيضها عِنْد الْمَوْت فتفيض هِيَ
فصل وَقَالَت فرقة أُخْرَى من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه والتصوف الرّوح غير النَّفس
قَالَ مقَاتل بن سُلَيْمَان للْإنْسَان حَيَاة وروح وَنَفس فَإِذا نَام خرجت نَفسه الَّتِي يعقل بهَا الْأَشْيَاء وَلم تفارق الْجَسَد بل تخرج كحبل ممتد لَهُ شُعَاع فَيرى الرُّؤْيَا بِالنَّفسِ الَّتِي خرجت مِنْهُ وَتبقى الْحَيَاة وَالروح فِي الْجَسَد فِيهِ يتقلب ويتنفس فَإِذا حرك رجعت إِلَيْهِ أسْرع من طرفَة عين فَإِذا أَرَادَ الله عز وَجل أَن يميته فِي الْمَنَام أمسك تِلْكَ النَّفس الَّتِي خرجت وَقَالَ أَيْضا إِذا نَام خرجت نَفسه فَصَعدت إِلَى فَوق فَإِذا رَأَتْ الرُّؤْيَا رجعت فَأخْبرت الرّوح ويخبر الرّوح فَيُصْبِح يعلم أَنه قد رأى كَيْت وَكَيْت

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست