responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 209
وَكَثُرت تجاربه وَهَذِه الْأَحْوَال تعينه على وُجُوه الْفِكر وَقُوَّة النّظر فَقَامَ النُّقْصَان الْحَاصِل بِسَبَب ضعف الْبدن والقوى
الْوَجْه السَّادِس أَن كَثْرَة الْأَفْعَال بِسَبَب حُصُول الملكات الراسخة فَصَارَت الزِّيَادَة الْحَاصِلَة بِهَذَا الطَّرِيق جَابِرا للنقصان الْحَاصِل بِسَبَب اختلال الْبدن
الْوَجْه السَّابِع أَنه قد ثَبت فِي الصَّحِيح عَنهُ أَنه قَالَ يهرم ابْن آدم وتشب فِيهِ خصلتان الْحِرْص وَطول الأمل وَالْوَاقِع شَاهد لهَذَا الحَدِيث مَعَ أَن الْحِرْص والأمل من القوى الجسمانية وَالصِّفَات الخيالية ثمَّ أَن ضعف الْبدن لم يُوجب ضعف هَاتين الصفتين فَعلم أَنه لَا يلْزم من اختلال الْبدن وَضَعفه ضعف الصِّفَات الْبَدَنِيَّة
الْوَجْه الثَّامِن أَنا نرى كثيرا من الشُّيُوخ يصيرون إِلَى الخزف وَضعف الْعقل بل هَذَا هُوَ الْأَغْلَب وَيدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعْمل بعد علم شَيْئا فالشيخ فِي أرذل عمره يصير كالطفل أَو أَسْوَأ حَالا مِنْهُ وَأما من لم يحصل لَهُ ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يرد إِلَى أرذل الْعُمر
الْوَجْه التَّاسِع أَنه لَا تلازم بَين قُوَّة الْبدن وَقُوَّة النَّفس وَلَا بَين ضعفه وضعفها فقد يكون الرجل قوي الْبدن ضَعِيف النَّفس جَبَانًا خوارا وَقد يكون ضَعِيف الْبدن قوي النَّفس فَيكون شجاعا مقداما على ضعف بدنه
الْوَجْه الْعَاشِر أَنه لَو سلم لكم مَا ذكرْتُمْ لم يدل على كَون النَّفس جوهرا مُجَردا لَا داخلي الْعَالم وَلَا خَارجه وَلَا هِيَ فِي الْبدن وَلَا خَارِجَة عَنهُ لِأَنَّهَا إِذا كَانَت جسما صافيا مشرقا سماويا مُخَالفا للأجسام الأرضية لم تقبل الانحلال والذبول والتبدل كَمَا تقبله الْأَجْسَام المتحللة الأرضية فَلَا يلْزم من حُصُول الانحلال والذبول فِي هَذَا الْبدن حصولهما فِي جَوْهَر النَّفس
فصل قَوْلكُم فِي التَّاسِع أَن الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة غنية فِي أفعالها عَن الْجِسْم وَمَا
كَانَ غَنِيا عَن الْجِسْم فِي أَفعاله كَانَ غَنِيا عَنهُ فِي ذَاته إِلَى آخِره جَوَابه أَن يُقَال لَا يلْزم من ثُبُوت حكم فِي قُوَّة جسمانية ثُبُوت مثل ذَلِك الحكم فِي جَمِيع القوى الجسمانية وَلَيْسَ مَعكُمْ غير الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَة وَالْقِيَاس الْفَاسِد

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست