responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 206
فَاعِلا وقابلا عنْدكُمْ وَقد صرحتم بِأَن الْأَجْسَام يمْتَنع عَلَيْهَا أَفعَال لَا نِهَايَة لَهَا وَلَا يمْتَنع عَلَيْهَا مجهولات وانفعالات لَا نتناهي وَقد أورد ابْن سيناء على هَذِه الشُّبْهَة سؤالا فَقَالَ أَلَيْسَ النَّفس الفلكية الْمُبَاشرَة لتحريك الْفلك قُوَّة جسمانية مَعَ أَن الحركات الفلكية غير متناهية وَأجَاب عَنهُ بِأَنَّهَا وَإِن كَانَت قُوَّة جسمانية إِلَّا أَنَّهَا تستمد الْكَمَال من الْعقل المفارق فَلهَذَا السَّبَب قدرت على أَفعَال غير متناهية
فَنَقُول فَإِذا كَانَ الْأَمر عنْدك كَذَلِك فَلم لَا يجوز أَن يُقَال النَّفس الناطقة تستمد الْكَمَال وَالْقُوَّة من فاطرها ومنشئها الَّذِي لَهُ الْقُوَّة جَمِيعًا فَلَا جرم تقوى مَعَ كَونهَا جسمانية على مَالا يتناها فَإِذا قلت بذلك وَافَقت الرُّسُل وَالْعقل وَدخلت مَعَ زمرة الْمُسلمين وَفَارَقت الْعصبَة المبطلين
فصل قَوْلكُم فِي الْخَامِس لَو كَانَت الْقُوَّة الْعَاقِلَة حَالَة فِي آلَة جسمانية لوَجَبَ
أَن تكون دائمة الْإِدْرَاك لتِلْك الْآلَة أَو ممتنعة الْإِدْرَاك لَهَا فَهُوَ مبْنى على أصلكم الْفَاسِد أَن الْإِدْرَاك عبارَة عَن حُصُول صُورَة مُسَاوِيَة للمدرك فِي القرة المدركة ثمَّ لَو سلمنَا لكم ذَلِك الأَصْل لم يفدكم شَيْئا فَإِن حُصُول تِلْكَ الصُّورَة يكون شرطا لحُصُول الْإِدْرَاك فَأَما أَن يَقُول أَو يُقَال أَن الْإِدْرَاك عين حُصُول تِلْكَ الصُّورَة فَهَذَا لَا يَقُوله عَاقل فَلم لَا يجوز أَن يُقَال الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة حَالَة فِي جسم مَخْصُوص ثمَّ أَن الْقُوَّة الناطقة قد تحصل لَهَا حَالَة إضافية تسمى بالشعور والإدراك فَحِينَئِذٍ تصير الْقُوَّة الْعَاقِلَة مدركة لتِلْك الْآلَة وَقد لَا تُوجد تِلْكَ الْحَالة الإضافية فَتَصِير غافلة عَنْهَا وَإِذا كَانَ هَذَا مُمكنا سَقَطت تِلْكَ الشُّبْهَة رَأْسا ثمَّ نقُول أَتَدعُونَ أَنا إِذا عقلنا شَيْئا فَإِن الصُّورَة الْحَاضِرَة فِي الْعقل مُسَاوِيَة لذَلِك الْمَعْقُول من جَمِيع الْوُجُوه والاعتبارات أَو لَا يجب حُصُول هَذِه الْمُسَاوَاة من جَمِيع الْوُجُوه لم يلْزم من حُدُوث صُورَة أُخْرَى فِي الْقلب أَو الدِّمَاغ اجْتِمَاع المثلين
وَأَيْضًا فالقوة الْعَاقِلَة حَالَة فِي جَوْهَر الْقلب أَو الدِّمَاغ وَالصُّورَة الْحَادِثَة حَالَة فِي الْقُوَّة الْعَاقِلَة فإحدى الصُّورَتَيْنِ مَحل للقوة الْعَاقِلَة وَأَيْضًا فَنحْن إِذا رَأينَا الْمسَافَة الطَّوِيلَة والبعد الممتد فَهَل يتَوَقَّف هَذَا الإبصار على ارتسام صُورَة المرئي فِي عين الرَّائِي أَو لَا يتَوَقَّف فَإِن توقف لزم اجْتِمَاع المثلين لِأَن الْقُوَّة الباصرة عنْدكُمْ جسمانية فَهِيَ فِي مَحل لَهُ حجم وَمِقْدَار فَإِذا حصل

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست