responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 204
فِي هَذَا الْفَصْل مَبْنِيَّة على انطباع صُورَة الْمَعْلُوم فِي الْقُوَّة العالمة ثمَّ بنوا على ذَلِك أَن انقسام مَالا يَنْقَسِم فِي المنقسم محَال
وَقَوْلهمْ مَحل الْعُلُوم الْكُلية لَو كَانَ جسما أَو جسمانيا لانقسمت تِلْكَ الْعُلُوم لِأَن الْحَال فِي المنقسم منقسم لم يذكرُوا جِسْمه هَذِه الْمُقدمَة دَلِيلا وَلَا شُبْهَة وَإِنَّمَا بِأَيْدِيهِم مُجَرّد الدَّعْوَى وَلَيْسَت بديهية حَتَّى تَسْتَغْنِي عَن الدَّلِيل وَهِي مَبْنِيَّة على الْعلم بالشَّيْء عَن حُصُول صُورَة مُسَاوِيَة لماهية الْمَعْلُوم فِي نفس الْعَالم وَهَذَا من أبطل الْبَاطِل للوجوه الَّتِي نذكرها هُنَاكَ
وَأَيْضًا فَلَو سلمنَا لكم ذَلِك كَانَ من أظهر الْأَدِلَّة على بطلَان قَوْلكُم فَإِن هَذِه الصُّورَة إِذا كَانَت حَالَة فِي جَوْهَر النَّفس الناطقة فَهِيَ صُورَة جزئية حَالَة فِي نفس جزئية تقارنها سَائِر الْأَعْرَاض الْحَالة فِي تِلْكَ النَّفس الْجُزْئِيَّة فَإِذا اعْتبرنَا تِلْكَ الصُّورَة مَعَ جملَة هَذِه اللواحق لم تكن صُورَة مُجَرّدَة بل مقرونة بلواحق وعوارض وَذَلِكَ يمْنَع كليتها
فَإِن قُلْتُمْ المُرَاد بِكَوْنِهَا كُلية إِنَّا إِذا حذفنا عَنْهَا تِلْكَ اللواحق واعتبرناها من حَيْثُ هى هِيَ كَانَت كُلية قُلْنَا لكم فَإِذا جَازَ هَذَا فَلم لَا يجوز أَن يُقَال هَذِه الصُّورَة حَالَة فِي مَادَّة جسمانية مَخْصُوصَة بِمِقْدَار معِين وَبِكُل معِين إِلَّا أَنا حذفنا عَنْهَا ذَلِك واعتبرناها من حَيْثُ هِيَ هِيَ كَانَت بِمَنْزِلَة تِلْكَ الصُّورَة الَّتِي فعلنَا بهَا ذَلِك فالمعين فِي مُقَابلَة الْمعِين الْمُطلق الْمَأْخُوذ من حَيْثُ هُوَ هُوَ فِي مُقَابلَة مَحَله الْمُطلق وَهَذَا هُوَ الْمَعْقُول الَّذِي شهِدت بِهِ الْعُقُول الصَّحِيحَة وَالْمِيزَان الصَّحِيح فَظهر أَن هَذِه الشُّبْهَة من أفسد الشّبَه وأبطلها وَإِنَّمَا أَتَى الْقَوْم من الكليات فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي خربَتْ دُورهمْ وأفسدت نظرهم ومناظرهم فَإِنَّهُم جردوا أمورا كُلية لَا وجود لَهَا فِي الْخَارِج ثمَّ حكمُوا عَلَيْهَا بِأَحْكَام الموجودات وجعلوها ميزانا وأصلا للموجودات
فَإِذا جردوا صور المعلومات وجعلوها كُلية جردنا نَحن محلهَا وجعلناه كليا وَإِن أخذُوا جزئية مُعينَة فمحلها كَذَلِك فالكلى فِي مُقَابلَة الكلى والجزئي فِي مُقَابلَة الجزئي
على أَنا نقُول لَيْسَ فِي الذِّهْن كلى وَإِنَّمَا فِي الذِّهْن صُورَة مُعينَة مشخصة منطبعة على سَائِر أفرادها فَإِن سميت كُلية بِهَذَا الِاعْتِبَار فَلَا مشاحة فِي الْأَلْفَاظ وَهِي كُلية وجزئية باعتبارين
فصل قَوْلكُم فِي الْوَجْه الثَّالِث أَن الصُّور الْعَقْلِيَّة الْكُلية مُجَرّدَة وتجردها
إِنَّمَا هُوَ بِسَبَب الْآخِذ لَهَا وَهُوَ الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة جَوَابه أَن يُقَال مَا الَّذِي تُرِيدُونَ بِهَذِهِ الصُّورَة الْعَقْلِيَّة الْكُلية أتريدون بِهِ أَن الْمَعْلُوم حصل فِي ذَات الْعَالم أَو أَن الْعلم بِهِ حصل فِي ذَات الْعَالم فَالْأول ظَاهر إِلَّا حَالَة

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست