responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 200
الْجِسْم الفارغ إِذا ملأَهُ غَيره أَن يثقل بِهِ كالزق الفارغ وَالْأَمر بِالْعَكْسِ فأخف مَا يكون الْبدن إِذا كَانَت فِيهِ النَّفس وأثقل مَا يكون إِذا فارقته
السَّابِع عشر لَو كَانَت النَّفس جسما لكَانَتْ على صِفَات سَائِر الْأَجْسَام الَّتِي لَا يَخْلُو شَيْء مِنْهَا من الخفة والثقل والحرارة والبرودة والنعومة والخشونة والسواد وَالْبَيَاض وَغير ذَلِك من صِفَات الْأَجْسَام وكيفياتها وَمَعْلُوم أَن الكيفيات النفسانية إِنَّمَا هِيَ الْفَضَائِل والرذائل لَا تِلْكَ الكيفيات الجسمانية فَالنَّفْس لَيست جسما
الثَّامِن عشر أَنَّهَا لَو كَانَت جسما لوَجَبَ أَن يَقع تَحت جَمِيع الْحَواس أَو تَحت حاسة مِنْهَا أَو حاستين أَو أَكثر فَإنَّا نرى الْأَجْسَام كَذَلِك مِنْهَا مَا يدْرك بِجَمِيعِ الْحَواس وَمِنْهَا مَا يدْرك بأكثرها وَمِنْهَا مَا يدْرك بحاستين مِنْهَا أَو وَاحِدَة وَالنَّفس بريئة من ذَلِك كُله وَهَذِه الْحجَّة الَّتِي احْتج بهَا جهم على طَائِفَة من الْمَلَاحِدَة حِين أَنْكَرُوا الْخَالِق سُبْحَانَهُ وَقَالُوا لَو كَانَ مَوْجُودا لوَجَبَ أَن يدْرك بحاسة من الْحَواس فعارضهم بِالنَّفسِ وأنى تتمّ الْمُعَارضَة إِذا كَانَت جسما وَإِلَّا لَو كَانَت جسما لجَاز إِدْرَاكهَا بِبَعْض الْحَواس
التَّاسِع عشر لَو كَانَت جسما لكَانَتْ ذَات طول وَعرض وعمق وسطح وشكل وَهَذِه الْمَقَادِير والأبعاد لَا تقوم إِلَّا بمادة وَمحل فَإِن كَانَت مادتها ومحلها نفسا لزم اجْتِمَاع نفسين وَإِن كَانَ غير نفس كَانَت النَّفس مركبة من بدن وَصُورَة وَهِي فِي جَسَد مركب من بدن وَصُورَة فَيكون الْإِنْسَان إنسانين
الْعشْرُونَ إِن من خَاصَّة الْجِسْم أَن يقبل التجزي والجزء الصَّغِير مِنْهُ لَيْسَ كالكبير وَلَو قبلت التجزي فَكل جُزْء مِنْهَا إِن كَانَ نفسا لزم أَن يكون للْإنْسَان نفوس كَثِيرَة لَا نفس وَاحِدَة وَإِن لم يكن نفسا لم يكن الْمَجْمُوع نفسا كَمَا أَن جُزْء المَاء إِن لم يكن مَاء لم يكن مَجْمُوعَة مَاء
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ أَن الْجِسْم مُحْتَاج فِي قوامه وَحفظه وبقائه إِلَى النَّفس وَلِهَذَا يضمحل ويتلاشى لما تُفَارِقهُ فَلَو كَانَت جسما لكَانَتْ محتاجة إِلَى نفس أُخْرَى وهلم جرا ويتسلسل الْأَمر وَهَذَا الْمحَال إِنَّمَا لزم من كَون النَّفس جسما
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ لَو كَانَت جسما لَكَانَ اتصالها بالجسم إِن كَانَ على سَبِيل المداخلة لزم تدَاخل الْأَجْسَام وَإِن كَانَ على سَبِيل الملاصقة والمجاورة كَانَ الْإِنْسَان الْوَاحِد جسمين متلاصقين أَحدهمَا يرى وَالْآخر لَا يرى
فَهَذَا كل مَا موهت بِهِ هَذِه الطَّائِفَة المبطلة من منخنقة وموقوذة ومتردية وَنحن نجيهم عَن ذَلِك كُله فصلا بفصل بحول الله وقوته ومعونته

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست