responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 16
وَكَذَلِكَ أَبُو حنيفَة يقبل قَول الدعى للحائط بِوُجُود الْآجر إِلَى جَانِبه وبمعاقد القمط وَقد شرع الله حد الْمَرْأَة بأيمان الزَّوْج وقرينة تكون لَهَا فَإِن ذَلِك من أظهر الْأَدِلَّة على صدق الزَّوْج
وأبلغ من ذَلِك قتل الْمقسم عَلَيْهِ فِي الْقسَامَة بأيمان المدعين مَعَ الْقَرِينَة الظَّاهِرَة من اللوث وَقد شرع الله سُبْحَانَهُ قبُول قولى المدعين لتَركه ميتهم إِذا مَاتَ فِي السّفر وأوصي إِلَى رجلَيْنِ من غير الْمُسلمين فَاطلع الْوَرَثَة على خِيَانَة الْوَصِيّين بِأَنَّهُمَا يحلفان بِاللَّه ويستحقانه وَتَكون أيمانهما أولى من أَيْمَان الْوَصِيّين وَهَذَا أنزلهُ الله سُبْحَانَهُ فِي آخر الْأَمر فِي سُورَة الْمَائِدَة وهى من آخر الْقُرْآن وَلم ينسخها شَيْء وَعمل بهَا الصَّحَابَة بعده
وَهَذَا دَلِيل على أَنه يقْضِي فِي الْأَمْوَال باللوث وَإِذا كَانَ الدَّم يُبَاح باللوث فِي الْقسَامَة فَلِأَن يقْضِي باللوث وَهُوَ الْقَرَائِن الظَّاهِرَة فِي الأمول أولى وَأَحْرَى
وعَلى هَذَا عمل وُلَاة الْعدْل فِي اسْتِخْرَاج السرقات من السراق حَتَّى أَن كثيرا مِمَّن يُنكر ذَلِك عَلَيْهِم يَسْتَعِين بهم إِذا سرق مَاله
وَقد حكى الله سُبْحَانَهُ عَن الشَّاهِد الَّذِي شهد بَين يُوسُف الصّديق وَامْرَأَة الْعَزِيز أَنه حكم بِالْقَرِينَةِ على صدق يُوسُف وَكذب الْمَرْأَة وَلم يُنكر الله سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ ذَلِك بل حَكَاهُ عَنهُ تقريرا لَهُ
وَأخْبر النَّبِي عَن نَبِي الله سُلَيْمَان بن دَاوُد أَنه حكم بَين الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ادعتا الْوَلَد للصغرى بِالْقَرِينَةِ الَّتِى ظَهرت لَهُ لما قَالَ ائْتُونِي بالسكين أشق الْوَلَد بَيْنكُمَا فَقَالَت الْكُبْرَى نعم رضيت بذلك للتسلى بفقد ابْن صاحبتها وَقَالَت الْأُخْرَى لَا تفعل هُوَ ابْنهَا فقضي بِهِ لَهَا للشفقة وَالرَّحْمَة الَّتِى قَامَت بقلبها حَتَّى سمحت بِهِ لِلْأُخْرَى ويبقي حَيا وَتنظر إِلَيْهِ
وَهَذَا من أحسن الْأَحْكَام وأعدلها وَشَرِيعَة الْإِسْلَام تقرر مثل هَذَا وَتشهد بِصِحَّتِهِ وَهل الحكم بالقيافة والحاق النّسَب بهَا اللاعتماد على قَرَائِن الشبة مَعَ اشتباهها وخفائها غَالِبا
الْمَقْصُود أَن الْقَرَائِن الَّتِى قَامَت فِي الرُّؤْيَا عَوْف بن مَالك وقصة ثَابت بن قيس لَا تقصر عَن كثير من هَذِه الْقَرَائِن بل هى أقوى من مُجَرّد وجود الْآجر ومعاقد القمط وصلاحية الْمَتَاع للْمُدَّعى دون الآخر فِي مَسْأَلَة الزَّوْجَيْنِ والصانعين وَهَذَا ظَاهر لاخفاء بِهِ وَفطر النَّاس وعقولهم تشهد بِصِحَّتِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَالْمَقْصُود جَوَاب السَّائِل وَأَن الْمَيِّت إِذا عرف مثل هَذِه الجزيئات وتفاصليها فمعرفته بزيارة الحى لَهُ وسلامة عَلَيْهِ ودعائه لَهُ أولى وَأَحْرَى

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست