responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 149
رَسُول الله وَقد طلع جَانب الشَّمْس فَقَالَ يَا بِلَال أَيْن مَا قلت لنا فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا ألقيت على نومَة مثلهَا فَقَالَ رَسُول الله ان الله قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا حِين شَاءَ فَهَذِهِ الرّوح المقبوضة هِيَ النَّفس الَّتِي يتوفاها الله حِين مَوتهَا وَفِي منامها الَّتِي يتوفاها ملك الْمَوْت وَهِي الَّتِي تتوفاها رسل الله سُبْحَانَهُ وَهِي الَّتِي يجلس الْملك عِنْد رَأس صَاحبهَا ويخرجها من بدنه كرها ويكفنها بكفن من الْجنَّة أَو النَّار ويصعد بهَا إِلَى السَّمَاء فتصلى عَلَيْهَا الْمَلَائِكَة أَو تلعنها وَتوقف بَين يَدي رَبهَا فَيقْضى فِيهَا أمره ثمَّ تُعَاد إِلَى الأَرْض فَتدخل بَين الْمَيِّت وأكفانه فَيسْأَل ويمتحن ويعاقب وينعم وَهِي الَّتِي تجْعَل فِي أَجْوَاف الطير الْخضر تَأْكُل وتشرب من الْجنَّة وَهِي الَّتِي تعرض على النَّار غدوا وعشيا وَهِي الَّتِي تؤمن وتكفر وتطيع وتعصى وَهِي الأمارة بالسوء وَهِي اللوامة وَهِي المطمئنة إِلَى رَبهَا وَأمره وَذكره وَهِي الَّتِي تعذب وتنعم وتسعد وتشقى وتحبس وَترسل وَتَصِح وتسقم وتلذ وتألم وَتخَاف وتحزن وَمَا ذَاك إِلَّا سمات مَخْلُوق مبدع وصفات منشأ مخترع وَأَحْكَام مربوب مُدبر مصرف تَحت مَشِيئَة خالقه وفاطره وبارئه وَكَانَ رَسُول الله يَقُول عِنْد نَومه اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي وَأَنت توفاها لَك مماتها ومحياها فَإِن أَمْسَكتهَا فإرحمها وَإِن أرسلتها فأحفظها بِمَا تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين وَهُوَ تعلى بارىء النُّفُوس كَمَا هُوَ بارىء الأجساد قَالَ تَعَالَى {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن ذَلِك على الله يسير} قيل من قبل أَن نبرأ الْمُصِيبَة وَقيل من قبل أَن نبرأ الأَرْض وَقيل من قبل أَن نبرأ الْأَنْفس وَهُوَ أولى لِأَنَّهُ أقرب مَذْكُور إِلَى الضَّمِير وَلَو قيل يرجع إِلَى الثَّلَاثَة أَي من قبل أَن نبرأ الْمُصِيبَة وَالْأَرْض والأنفس لَكَانَ أوجه
وَكَيف تكون قديمَة مستغنية عَن خَالق مُحدث مبدع لَهَا وشواهد الْفقر وَالْحَاجة والضرورة أعدل شَوَاهِد على أَنَّهَا مخلوقة مربوبة مصنوعة وَأَن وجود ذَاتهَا وصفاتها وأفعالها من رَبهَا وفاطرها لَيْسَ لَهَا من نَفسهَا إِلَّا الْعَدَم فَهِيَ لَا تملك لنَفسهَا ضرا وَلَا نفعا وَلَا موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشورا لَا تَسْتَطِيع أَن تَأْخُذ من الْخَيْر إِلَّا مَا أَعْطَاهَا وتتقى من الشَّرّ إِلَّا مَا وقاها وَلَا تهتدي إِلَى شَيْء من صَالح دنياها وأخراها إِلَّا بهداه وَتصْلح إِلَّا بتوفيقه لَهَا وإصلاحه إِيَّاهَا وَلَا تعلم إِلَّا مَا علمهَا وَلَا تتعدى مَا ألهمها فَهُوَ الَّذِي خلقهَا فسواها وألهمها فجورها وتقواها فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَنه خَالِقهَا ومبدعها وخالق أفعالها من الْفُجُور وَالتَّقوى خلافًا لمن يَقُول إِنَّهَا لَيست مخلوقة وَلمن يَقُول إِنَّهَا وَإِن كَانَت مخلوقة فَلَيْسَ خَالِقًا لأفعالها بل هِيَ الَّتِي تخلق أفعالها وهما قَولَانِ لأهل الضلال والغي

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست