responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 147
وَمَعْلُوم قطعا أَن الرّوح لَيست هِيَ الله وَلَا صفة من صِفَاته وَإِنَّمَا هِيَ مَصْنُوع من مصنوعاته فوقوع الْخلق عَلَيْهَا كوقوعه على الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَالْإِنْس
الْوَجْه الثَّانِي قَوْله تَعَالَى زَكَرِيَّا {وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا} وَهَذَا الْخطاب لروحه وبدنه لَيْسَ لبدنه فَقَط فَإِن الْبدن وَحده لَا يفهم وَلَا يُخَاطب وَلَا يعقل وَإِنَّمَا الَّذِي يفهم وَيعْقل ويخاطب هُوَ الرّوح
الْوَجْه الثَّالِث قَوْله تَعَالَى {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ}
الْوَجْه الرَّابِع قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم ثمَّ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم} وَهَذَا الْإِخْبَار إِنَّمَا يتَنَاوَل أَرْوَاحنَا وأجسادنا كَمَا يَقُوله الْجُمْهُور واما أَن يكون وَاقعا على الْأَرْوَاح قبل خلق الأجساد كَمَا يَقُوله من يزْعم ذَلِك وعَلى التَّقْدِير فَهُوَ صَرِيح فِي خلق الْأَرْوَاح
الْوَجْه الْخَامِس النُّصُوص الدَّالَّة على أَنه سُبْحَانَهُ رَبنَا وَرب آبَائِنَا الْأَوَّلين وَرب كل شَيْء وَهَذِه الربوبية شَامِلَة لأرواحنا وأبداننا فالأرواح مربوبة لَهُ مَمْلُوكَة كَمَا ان الْأَجْسَام كَذَلِك وكل مربوب مَمْلُوك فَهُوَ مَخْلُوق
الْوَجْه السَّادِس أول سُورَة فِي الْقُرْآن وَهِي الْفَاتِحَة تدل على أَن الْأَرْوَاح مخلوقة من عدَّة أوجه أَحدهَا قَوْله تَعَالَى {الْحَمد لله رب الْعَالمين} والأرواح من جملَة الْعَالم فَهُوَ رَبهَا
الثَّانِي قَوْله تَعَالَى {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فالأرواح عابدة لَهُ مستعينة وَلَو كَانَت غير مخلوقة لكَانَتْ معبودة مستعانا بهَا
الثَّالِث إِنَّهَا فقيرة إِلَى هِدَايَة فاطرها وربها تسأله أَن يهديها صراطه الْمُسْتَقيم
الرَّابِع أَنَّهَا منعم عَلَيْهَا مَرْحُومَة ومغضوب عَلَيْهَا وضالة شقية وَهَذَا شَأْن المربوب والمملوك لَا شَأْن الْقَدِيم غير الْمَخْلُوق
الْوَجْه السَّابِع النُّصُوص الدَّالَّة على أَن الْإِنْسَان عبد بجملته وَلَيْسَت عبوديته وَاقعَة على بدنه دون روحه بل عبوديته الرّوح أصل وعبودية الْبدن تبع كَمَا أَنه تبع لَهَا فِي الْأَحْكَام وَهِي الَّتِي تحركه وتستعمله وَهُوَ تبع لَهَا فِي الْعُبُودِيَّة
الْوَجْه الثَّامِن قَوْله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} فَلَو كَانَت روحه قديمَة لَكَانَ الْإِنْسَان لم يزل شَيْئا مَذْكُورا فَإِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ إِنْسَان بِرُوحِهِ لَا بِبدنِهِ فَقَط كَمَا قيل
يَا خَادِم الْجِسْم كم تشقى بخدمته ... فَأَنت بِالروحِ لَا بالجسم إِنْسَان

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست