responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 103
وفارقته وَاجْتمعت فِيهَا قواها وَكَانَت فِي أصل شَأْنهَا روحا علية زكيه كَبِيرَة ذَات همة عالية فَهَذِهِ لَهَا بعد مُفَارقَة الْبدن شَأْن آخر وَفعل آخر
وَقد تَوَاتَرَتْ الرُّؤْيَا فِي أَصْنَاف بنى آدم على فعل الْأَرْوَاح بعد مَوتهَا مَا لَا تقدر على مثله حَال اتصالها بِالْبدنِ من هزيمَة الجيوش الْكَثِيرَة بِالْوَاحِدِ والاثنين وَالْعدَد الْقَلِيل وَنَحْو ذَلِك وَكم قد رئى النَّبِي وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فِي النّوم قد هزمت أَرْوَاحهم عَسَاكِر الْكفْر وَالظُّلم فَإِذا بجيوشهم مغلوبة مَكْسُورَة مَعَ كَثْرَة عَددهمْ وعددهم وَضعف الْمُؤمنِينَ وقلتهم
وَمن الْعجب أَن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ المتحابين المتعارفين تتلاقى وَبَينهَا أعظم مَسَافَة وأبعدها فتتألم وتتعارف فَيعرف بَعْضهَا بَعْضًا كَأَنَّهُ جليسه وعشيرة فَإِذا رَآهُ طابق ذَلِك مَا كَانَ عَرفته روحه قبل رُؤْيَته
قَالَ عبد الله بن عَمْرو ان أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تتلاقى على مسيرَة يَوْم وَمَا أرى أَحدهمَا صَاحبه قطّ وَرَفعه بَعضهم إِلَى النَّبِي
وَقَالَ عِكْرِمَة وَمُجاهد إِذا نَام الْإِنْسَان فان لَهُ سَببا يجرى فِيهِ الرّوح وَأَصله فِي الْجَسَد فتبلغ حَيْثُ شَاءَ الله مَا دَامَ ذَاهِبًا فالإنسان نَائِم فَإِذا رَجَعَ إِلَى الْبدن انتبه الْإِنْسَان وَكَانَ بِمَنْزِلَة شُعَاع الشَّمْس الَّذِي هُوَ سَاقِط بِالْأَرْضِ فأصله مُتَّصِل بالشمس وَقد ذكر أَبُو عبد الله بن مَنْدَه عَن بعض أهل الْعلم أَنه قَالَ إِن الرّوح يَمْتَد من منخر الْإِنْسَان ومركبه وَأَصله فِي بدنه فَلَو خرج الرّوح بِالْكُلِّيَّةِ لمات كَمَا أَن السراج لَو فرق بَينه وَبَين الفتيلة أَلا ترى أَن مركب النَّار فِي الفتيلة وضؤوها وشعاعها يمْلَأ الْبَيْت فَكَذَلِك الرّوح تمتد من منخر الْإِنْسَان فِي مَنَامه حَتَّى تأتى السَّمَاء وتجول فِي الْبلدَانِ وتلتقي مَعَ أَرْوَاح الْمَوْتَى فَإِذا أرَاهُ الْملك الْمُوكل بأرواح الْعباد مَا أحب أَن يرِيه وَكَانَ المرئي فِي الْيَقَظَة عَاقِلا ذكيا صَدُوقًا لَا يلْتَفت فِي يقظته إِلَى شَيْء من الْبَاطِل رَجَعَ إِلَيْهِ روحه فَأدى إِلَى قلبه الصدْق مِمَّا أرَاهُ الله عز وَجل على حسب خلقه وَإِن كَانَ خَفِيفا نزقا يحب الْبَاطِل وَالنَّظَر إِلَيْهِ فَإِذا نَام وَأرَاهُ الله أمرا من خيرا وَشر رجعت روحه إِلَيْهِ فَحَيْثُ مَا رَأْي شَيْئا من مخاريق الشَّيْطَان أَو الْبَاطِل وقفت روحه عَلَيْهِ كَمَا تقف فِي يقظته فَكَذَلِك لَا يُؤدى إِلَى قلبه فَلَا يعقل مَا رَأْي لِأَنَّهُ خلط الْحق بِالْبَاطِلِ فَلَا يُمكن معبر أَن يعبر لَهُ وَقد خلط الْحق بِالْبَاطِلِ

اسم الکتاب : الروح المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست