اسم الکتاب : الحبائك في أخبار الملائك المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 217
الجهة، ولأن إبراهيم عليه السلام كان رسولا إلى لوط فكان أفضل منه، وموسى كان رسولا إلى الأنبياء الذين كانوا في عسكره وكان أفضل منهم، فكذا هنا.
الحجة السابعة: الملائكة أتقى من البشر، والأتقى أفضل، إنما قلنا إنهم أتقى لأنهم مبرءون عن الزلات وعن الميل إليها، لأن خوفهم دائم قال تعالى: (يَخافُونَ رَبَهُم مِن فَوقِهِم) النحل: 50 وقال: (وَهُم مِن خِشيَتِهِ مُشفِقِونَ) الأنبياء: 28 والخوف والإشفاق ينافيان العزم على المعصية، أما الأنبياء عليهم السلام فلم يخل أحد منهم عن شيء هو صغيرة أو ترك مندوب.
قال عليه السلام:) ما مِنَّا أَحَدٌ إِلاّ عَصَى أَو هُم بِمَعصِيةٍ غَيرَ يَحيَى بِن زَكَرِيا (وإنما قلنا إن الأتقى أفضل، لقوله تعالى: (إِنّ أَكرَمُكُم عِندَ الله أَتقَاكُم) الحجرات: 13 فثبات الكرامة مقرونا بذكر التقوى يدل على أن تلك الكرامة معللة بالتقوى، فحيث كان التقوى أكثر وجب أن يكون كرامة الفضيلة أكثر، لا يقال: فهذا يقتضي أن يكون يحيى عليه السلام أفضل من الأنبياء ومن محمد، لأنا نقول: هذه الصورة خصت بدلالة الإجماع فبقى الدليل حجة في سائر الصور.
الحجة الثامنة: الأنبياء عليهم السلام ما استغفروا لأحد إلا وبدأوا بالإستغفار لأنفسهم، ثم بعد ذلك لغيرهم من المؤمنين قال آدم: (رَبَنَا ظَلَمنَا أَنفُسَنا) الأعراف: 23 وقال نوح: (رَبِ اِغفِر لي وَلِوالِدي وَلِمَن دَخَلَ بَيتِيَ مُؤمِناً) نوح: 28 وقال إبراهيم: (رَبِّ هَب لِي حُكماً وَأَلحِقني باِلصَالِحين) الشعراء: 83 وقال موسى: (رَبِ اِغفر لِي وَلأَخي) الأعراف: 151 وأما الملائكة فإنهم لم يستغفروا لأنفسهم ولكنهم طلبوا المغفرة للمؤمنين من البشر، قال تعالى حكاية عنهم:
اسم الکتاب : الحبائك في أخبار الملائك المؤلف : السيوطي، جلال الدين الجزء : 1 صفحة : 217