responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 295
الكونيات وهو علم معرفة صفة الربوبية الأول، وعلم معرفة صفة الألوهية الثاني، وهو كشف التكليفات، فالتحقيق بالأمر والنهي والمحبة والخوف والرجاء يكون عن كشف علم الألوهية، والتحقيق بالتوكل والتفويض والتسليم يكون بعد كشف علم الربوبية، وهو علم التدبير الساري في الأكوان كما قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فإذا تحقق بهذا المشهد ووفقه الله تعالى لذلك بحيث لا يحجبه مشهد الربوبية عن مشهد الألوهية فهو السعيد في العبودية، فإن هذين المشهدين عليهما مدار الدين، فإن جميع مشاهد الرحمة واللطف والكرم والجمال داخل في مشهد الألوهية، وجميع مشاهد العظمة والكبرياء والملك والقهر والجلال داخل في مشهد الربوبية، ولهذا قيل إن هذه الآية جمعت سر القرآن، بل سائر الكتب الإلهية كلها ترجع إليه وتدور عليها، أعني إياك نعبد وإياك نستعين، لأن أولها اقتضى عبادته بالأمر والنهي والمحبة والخوف والرجاء الذي لازمه الدعاء والإنابة والرغبة والرهبة والتوكل، وآخرها اقتضى عبادته بالتفويض والتسليم وترك الاختيار، وجميع العبوديات داخلة في ذلك، فلا يدعى بما لا يقدر عيه إلاَّ الله غيره، ولا يرجى فيه إلاَّ هو، ولا يستغاث إلا به، لأنه لا حول وهي الحركة والتحول من حال إلى حال، ولا قوة على ذلك الحول إلاَّ بالله، سواء ذلك الحول والقوة الموجودة في السماء والأرض والآدميين والملائكة والجن وسائر الدواب وغيرها: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} وقال تعالى: {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين كم تعبد قال ستة في الأرض وواحداً في السماء قال فمن الذي تعد لرغبتك ورهبتك قال الذي في السماء ... الحديث، رواه الإمام أحمد والترمذي. فهذا يوجب انقطاع تعلق القلب بغيره تعالى وإن كان ملكاً أو نبياً فكيف بالمشايخ الأولياء العلماء، أو بالفجار الدجالين الأشقياء، فإن غاية الراجي لهم الداعي منهم المتوكل عليهم أن يقول مرادي يشفعون لي، فقطع سبحانه مادة ذلك كله قطعاً شافياً، فأخبر تعالى في محكم كتابه أنه ما من شفيع إلاَّ من بعد إذنه، ونفى أن يشفع أحد لأحد إلاَّ بإذنه، وأعلن بأن سائر الشفعاء لا يشفعون إلاَّ لمن ارتضى أو هم من خشينه مشفقون وقال يومئذ لا تنفع الشفاعة إلاَّ لمن أذن له الرحمن ورضي له قولاً ولهذا إذا جاء سيد الشفعاء وأفضلهم

اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست