ولا اللعان ولا الفاحش والبذيء" [1] أي ليس بذي طعن وليس بذي لعن، هذا مع عموم المسلمين، فكيف بالأمر مع الصحابة المعدلين.
(تجرح) الجرح هو الكلم، فالخوض فيما شجر بين الصحابة والنيل منهم ليس دأب أهل السنة ولا من منهجهم، بل هو شأن أهل الأهواء وسبيل أهل الضلال.
والناظم هنا يقرر عدالة الصحابة ومكانتهم، الذين شرفهم الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وسماع الروحي منه غضاً طرياً كما أنزل، فهم عدول ثقات، وهم حملة الدين ونقلته للأمة، يقول ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ: "من كان متأسياً فليتأس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
ومن هنا يعلم أن أي طعن في الصحابة فإنما هو طعن في الدين؛ لأن الطعن في الناقل طعن في المنقول؛ لأن الصحابة هم الذين نقلوا الدين، ولذا ما من حديث نرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا والواسطة بيننا وبينه أحد الصحابة، فالطعن فيهم طعن في الدين، ولذا يقول أبو زرعة الرازي رحمه الله: "إذا رأيتم الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق؛ لأن الدين حق، والقرآن حق وإنما نقل لنا ذلك الصحابة فهؤلاء أرادوا [1] أخرجه أحمد في المسند برقم (3839) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (320) .