والصحابي: هو الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك، فكل من كان بهذه الصفة فهو من الصحابة وقل فيه خير قول، ولما ذكر الله في سورة الحشر المهاجرين والأنصار قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10) .
فذكر الله لمن جاء بعدهم صفتين هما: سلامة الصدر وسلامة اللسان، وهكذا يجب أن يكون صاحب السنة تجاه الصحابة فلا يحمل عليهم في قلبه غلاً ويكون سليم اللسان فلا يقدح فيهم ولا يخوض فيما شجر بينهم بل يقول عنهم ما يزيد حبهم في القلوب. والناظم رحمه الله أشار إلى تحقيق هاتين الصفتين بقوله: (وقل خير قول) وقد مر معنا أن القول إذا أطلق يشمل قول القلب وقول اللسان، ويكون المعنى قل فيهم خير قول بقلبك بأن يكون سليماً من الغل والحقد ولا يحمل تجاههم إلا الخير، وبلسانك بأن يكون سليماً من الطعن والقدح ولا تتكلم عنهم إلا بالخير.
(ولا تك طعاناً تعيب وتجرح) لما أمر ورغب صاحب السنة في أن يقول في الصحابة خير قول، حذره من أن يقع في الطعن والتجريح لأي أحد منهم، (طعاناً) أي كثير الطعن، والمقصود النهي عن الطعن في الصحابة، وليس المقصود النهي عن المبالغة في الطعن، فقد يأتي على وزن (فعال) ملا يراد به المبالغة كقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (فصلت: من الآية46) . أي: ليس بذي ظلم، وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: "ليس المؤمن بالطعان