طريق الحدوث
تقدم استدلال البيهقي بطريق النظر، وطريق المعجزة، وسبق أن قررت صحة استدلاله ذاك لموافقته طريقة القرآن الكريم، وهنا أعرض دليلاً آخر ضمه البيهقي إلى الأدلة السالفة في صحة الاستدلال به وهو ما يسمى بدليل الحدوث فقد قال - رحمه الله - في بيان هذا الدليل: "ثم إن الله تعالى حضّهم على النظر في ملكوت السموات والأرض، وغيرهما من خلقه في آية أخرى فقال: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [1]. يعني بالملكوت الآيات[2].
يقول: "أولم ينظروا فيها نظر تفكر وتدبر، حتى يستدلوا بكونها محلاً للحوادث والتغييرات على أنها محدثات، وأن المحدث لا يستغني عن صانع يصنعه على هيئة لا يجوز عليه ما يجوز على المحدثات، كما استدل إبراهيم الخليل عليه السلام بمثل ذلك، فانقطع عنها كلها إلى ربّ هو خالقها ومنشئها"[3].
ويؤيد البيهقي رأيه هذا بقول أبي سليمان الخطابي - رحمه الله - عن استدلال إبراهيم عليه السلام حيث قال: "قال أبو سليمان الخطابي كل وقت وزمان، أو حال ومقام، حكم الامتحان فيها قائم فللاجتهاد [1] سورة الأعراف آية: 185. [2] ذكر في كتاب الأسماء والصفات أن هذا التفسير لمجاهد. انظر: ص:280، وهو كما قال لوجوده في تفسيره. انظر: تفسير مجاهد ص: 218. [3] الاعتقاد ص: 7.