قال لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} [1]إلى غير ذلك من الآيات المصرِّحة بالزيادة. فهذه أدلة السلف من القرآن الكريم على أن الإيمان يزيد بصريح اللفظ، كما أنها تدل عن طريق الالتزام على أنه ينقص، لأن الشيئ الذي تعتريه الزيادة لا بد وأنه ينقص، وإلا فلا معنى للزيادة، إذ لا يمكن أن يتصور شيئ قابل للزيادة غير قابل للنقصان.
أما أدلتهم من السنة المطهرة فكثيرة أيضاً، منها حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالتصدق وقال بعد ذلك:" ما رأيت ناقصات عقل ودِين أذهب لِلُبِّ الرجل الحازم من أحداكن "، قُلْنَ: " وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ " قال: " أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ " قلن: " بلى يا رسول الله "، قال: " فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصُمْ؟ " قلن: " بلى "، قال: " فذلك من نقصان دينها "[2].
فهذا الحديث يدل على أن إيمان الرجل أكمل من إيمان المرأة إذ المرأة يمرُّ عليها أوقات لا تقيم فيها بعض الشعائر الدينية والرجل مستمر في القيام بها دون انقطاع. أليس الرجل يزيد على المرأة بهذه المدة وأداء تلك الشعائر فيها، مما يجعل إيمانه أكمل وأوفى. قد يقال: إن هذا نقصان في التكاليف، وهذا صحيح ولكن الذي يُكلَّف بأمر فيمتثل، فهو زائد في الأجر على من لم يكلَّف به، لأنه لم يعمله، فلم يكسب أجره، والزيادة في الإيمان، إنما تكون بالزيادة في العمل. ومن أدلة السلف أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " [3].
قال الإمام النووي في بيان معنى هذا الحديث: " فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من [1] آل عمران: 173. [2] متفق عليه. [3] مسلم، صحيح مسلم مع الشرح، ج2 ص41، ط المطبعة المصرية.