الفصل الخامس
الكرامية
أتباع أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني، ومذهبهم في الإيمان، أنه عبارة عن أمر واحد لا تعدد فيه، فهو إقرار باللسان فقط.
وقد ذكر هذا الرأي عن الكرامية جميع كتب الفرق تقريباً، فقد ورد عنهم قولهم في الإيمان: إنه هو الإقرار المجرد، وليس من شرط كونه إيماناً وجود التصديق والمعرفة. ويزعون أن مَن اعتقد الكفر بقلبه، وأقر بلسانه بالصانع، وبالكتب والرسل، وغير ذلك من أركان الإيمان كان مؤمناً حقاً بإقراره، وكان المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين حقاً [1].
ويقول أبو المظفر الإسفرائيني عن الكرامية: … ومن بدعهم في باب الإيمان قولهم: إن الإيمان قول مجرد، لا هذا القول الذي يقوله القائل الآن أنه لا إله إلا الله، ولكن هذا القول الذي صدر عن ذرية آدم في بعث الميثاق، حين قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [2] ويقولون: إن ذلك القول قول [1] انظر: تبصرة الأدلة، لأبي المعين النسفي، ص333، مخطوط بمكتبة الأزهر، تحت رقم 4406، وبحر الكلام في علم العقائد للمؤلف نفسه، ص20، مخطوط بمكتبة علي باشا، ضمن المكتبة السليمانية باستانبول، وكتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، ج3 ص188. [2] الأعراف: 172.