responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
ثمَّ من عَجِيب أَمر هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَنهم يَزْعمُونَ أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أيد نَفرا من الحواريين بإحياء الْمَوْتَى وجعلهم رسلًا إِلَى الْأَجْنَاس فأحيوا الْمَوْتَى بزعمهم فَمَا الَّذِي أوجب أَن يكون الْمَسِيح فِي حَال ألوهيته قد أيد بذلك بشرا وَجعله رَسُولا إِلَى الْأَجْنَاس كَمَا زَعَمُوا وَمَا الَّذِي منع أَن يكون الله عز وَجل يُؤَيّد بذلك بشرا ويجعله رَسُولا إِلَى النَّاس فَإِن كَانَ الْمَسِيح من أجل أَنه أَحْيَا مَيتا هُوَ الله فَكل من أَحْيَا مَيتا من الحواريين وَغَيرهم هُوَ الله ثمَّ كل خارق للْعَادَة يجعلونه دَلِيلا على ألوهيته فَإِنَّهُم يعارضون بِمثل ذَلِك فِي حق غَيره من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِ السَّلَام ويدعى ألوهيته فَلَا يَجدونَ فصلا بَينهم وَبَين من يعارضهم
وَأما من اسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُ خلق من غير أَب فَيلْزمهُ أَن يعْتَرف لآدَم بألوهية فَإِنَّهُ لم يخلق من نُطْفَة أَب بل إِنَّمَا خلق من تربة أَرض ثمَّ نفخ فِيهِ من روحه كَمَا فعل بِعِيسَى خلقه من نفخة الْملك فعلقت بلحمة مَرْيَم فَنَشَأَ مِنْهَا وفيهَا فتربه بِمَنْزِلَة لَحْمه ونفخه بِمَثَابَة نفخه وَهَذَا مَالا مخلص مِنْهُ وَلَا خُرُوج عَنهُ ثمَّ أكْرمه الله تَعَالَى بأنواع من الكرامات لم يكرم بهَا غَيره مِنْهَا أَنه أَسجد لَهُ مَلَائكَته وأعلمه بِمَا لم يعلمهُمْ حَتَّى جعله رَسُولا إِلَيْهِم وَكفى بِهَذَا شرفا إِلَى مَا هُنَالك من خَصَائِصه وَمن فضائله
بل لَو أمكن لأحد أَن يَقُول إِن بشرا يتَصَوَّر أَن يكون إِلَهًا لكَونه من غير أَب لَكَانَ آدم أولى بذلك من حَيْثُ أَنه لم تشْتَمل عَلَيْهِ أوضار الرَّحِم فقد شَارك الْمَسِيح فِي كَونه من غير أَب وَزَاد عَلَيْهِ أَنه من غير أم لم يتكون فِي ظلمَة الرَّحِم وَلم يتلطخ بِدَم الطمث وَلَا خرج

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست