اسم الکتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر الجزء : 1 صفحة : 44
وسأقتصر في التمثيل على ذلك بنقلين عن اثنين من المعاصرين حول ما فهماه من كلامه رحمه الله، ثم أوضِّح ما في ذلك من انحراف وفساد وشطط في فهم كلام الإمام مالك رحمه الله.
1- قال الكوثري معلِّقاً على أثر الإمام مالك: "الاستواء معلوم يعني مورده في اللغة والكيفية التي أرادها الله مما يجوز عليه من معاني الاستواء مجهولة، فمن يقدر أن يعيِّنها؟ فتحصّل لك من كلام إمام المسلمين مالك أنَّ الاستواء معلوم وأنَّ ما يجوز على الله غير متعيّن وما يستحيل عليه هو منزّه عنه"[1].
ففهم من كلام الإمام مالك رحمه الله أنَّه أراد تفويض المعنى، لأنَّ الاستواء بزعمه مورده في اللغة جاء على معان عديدة ولا يُدرى ما المقصود بالاستواء المضاف إلى الله منها، ولهذا قال: "والكيفية التي أرادها الله مما يجوز عليه من معاني الاستواء مجهولة فمن يقدر أن يعيِّنها؟ ".
ولهذا قال في تعليقه على الأسماء والصفات للبيهقي: "الاستواء الثابت له جلّ جلاله استواء يليق بجلاله على مراد الله ومراد رسوله من غير خوض في المعنى كما هو مسلك السلف"[2].
2- وقال البوطي بعد ما قرّر أنَّ مذهب الخلَف هو تأويل النصوص: "وهكذا فقد كان بوسع الإمام مالك رحمه الله أن يقول في عصره لذلك الذي سأله عن معنى الاستواء في الآية: "الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"، إذ كان العصر عصر إيمان [1] مقالات الكوثري (ص:294،295) ، مطبعة الأنوار بالقاهرة عام (1388هـ) . [2] الأسماء والصفات (ص:320) ، وانظر: (ص:513 515) منه.
القهستاني، حدّثنا جعفر بن ميمون قال: سئل مالك بن أنس عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟، قال:"الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلاّ ضالاًّ، وأمر به أن يخرج من مجلسه"[1].
5- رواية سفيان بن عيينة2
قال القاضي عياض:"قال أبو طالب المكي: كان مالك
- رحمه الله - أبعدَ الناس من مذاهب المتكلِّمين، وأشدَّهم بُغضاً للعراقيين، وألزَمَهم لسنة السالفين من الصحابة والتابعين، قال سفيان بن عيينة: سأل رجلٌ مالكاً فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى يا أبا عبد الله؟، فسكت مالكٌ مليًّا حتى علاه الرحضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثمَّ سُريَّ عنه فقال:"الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإني لأظنُّك ضالاًّ، أخرجوه". [1] عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص:38) . [2] هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران، أبو محمد الكوفي ثم المكي.
قال فيه ابن حجر في التقريب (رقم:2464) :"ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلاَّ أنَّه تغيَّر حفظه بآخرة، وكان ربّما دلّس لكن عن الثقات".
وقال عنه الشافعي:"لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز".
وأما اختلاطه فرُوي عن يحيى بن سعيد القطان، وأنَّ ذلك كان في سنة (197هـ) أي سنة وفاة سفيان، قال الذهبي متعقِّباً إيّاه:"أنا أستبعد صحّةَ هذا القول؛ فإنَّ القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين، بُعيد قدوم الحُجَّاج بقليل، فمن الذي أخبره باختلاط سفيان؟، ومتى لَحِقَ يقول هذا القول؟!، فسفيان حجَّةٌ مطلقاً بالإجماع من أرباب الصحاح"، كذا في تاريخ الإسلام وفيات (191 - 200هـ، ص:199) .
اسم الکتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء المؤلف : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر الجزء : 1 صفحة : 44