وكان تحريم التدخين إحدى الوسائل الرئيسية لإثارة أذهان الوهابيين ضد الأتراك، فلقد أصبح كلمة لامة لشمل المعتنقين الجدد للدعوة، لكنه ظل أصعب شيء على نفوس العرب من بين كل المبادئ التي نادى بها المصلح، وقد حرم الوهابيون الدعاء بالمسبحة، وهو أمر شائع لدى المسلمين مع أن الشرع لم ينص عليه، ومنعوا استعماله [1] ويقال أيضا إنهم حرموا شرب القهوة، ولكن ذلك غير صحيح إذ إنهم دائما يشربونها بقدر كبير.
ومن المشكوك فيه ما إذا كانت لدى ابن عبد الوهاب حين دعا إلى الإصلاح في الدرعية أية فكرة في إنشاء حكم جديد يستظل بظله أتباعه من جزيرة العرب [2] فقوة أسرته وأسر أقاربه لم تكن تمكنه من اتخاذ تلك الخطوة التي يبدو أنها لم تنجح إلا في عهد عبد العزيز بن محمد بن سعود، ولا ينكر أنه كان لابن عبد الوهاب فضل كبير على العرب بدعوتهم إلى مبادئه الجديدة، كما لا يمكن أن يقال: إن شكل الحكومة التي قامت على أساس دعوته غير مفيد لمصالح الأمة العربية جميعها ورفاهيتها، أما أن العقيدة السائدة والتي يقال: إنها محافظة هي الديانة المحمدية الصحيحة أم الوهابية فأمر غير مهم، لكنه أصبح مهما أن يقضى على الشرك الذي انتشر في كل جزيرة العرب، وفي جزء كبير من تركيا، والذي ترك أثرا أكثر ضررا على أخلاق الأمة من الاعتراف المحدد بديانة خاطئة [3] ولهذا فإن فضيلة الوهابيين ليست أنهم طهروا الديانة الموجودة، لكن [1] يرى أتباع الشيخ محمد أن التسبيح باليد أفضل لأنه الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أكثر حضورا للقلب (العثيمين) . [2] يبدو أن الشيخ محمدا كان يرى في بداية الأمر أن منطقة نجد هي مدار الدولة التي ستقوم على أساس دعوته، ذلك أنه حين قابل الأمير عثمان بن معمر أمير العيينة قال له: " إني أرجو إن أنت قمت بنصر لا إله إلا الله أن يظهرك الله وتملك نجدا وأعرابها "، وحين قابل الأمير محمد بن سعود بعد انتقاله إلى الدرعية قال له قولا مشابها لذلك.
انظر: عنوان المجد، ج1، ص (22 و 24) (العثيمين) . [3] هكذا وردت العبارة، ولعل بوركهارت قصد أن يقول: إن الأثر الذي تركه انتشار الشرك أكثر ضررا من مخالفة ما جاء به الشيخ محمد من أمور خاطئة في نظر خصومه (العثيمين) .