أظهر التضعيف في حاللٌ ويحلل: للضرورة، والأصل في القياس الإدغام: يعني أنه إذا أحكم أمراً، لا يقدر أحد على حله، وإذا حل أمراً، لا يحكمه أحد.
ولا يرمح الأذيال من جبريةٍ ... ولا يخدم الدنيا، وإياه تخدم
لا يرمح الأذيال: أي لا يضربها برجله. وروى: ولا يسحب الأذيال.
يقول: إنه متواضع لا يسحب ذيله من التجبر والخيلاء، وأنه زاهد في الدنيا، تارك لها ولا يخدمها وهي تخدمه، مقبلة عليه جارية تحت أمره، منقادة إليه.
ولا يشتهي يبقى وتفنى هباته ... ولا يسلم الأعداء منه ويسلم
يقول: إنه لا يحب البقاء في الدنيا إلا للأفضال على الأولياء، وكذلك لا يحب أن يسلم أعداؤه ويسلم هو، بل يجب الانتقام منهم.
ألذ من الصهباء بالماء ذكره ... وأحسن من يسرٍ تلقاه معدم
الصهباء: الخمر البيضاء، المعصورة من العنب الأبيض.
يقول: ذكره؛ لتضمنه المحاسن، ألذ من الخمر الممزوج بالماء. وإنما قال ذلك؛ لأنها إذا مزجت بالماء كانت ألذ طعماً وأضعف سورة، وأحسن من الغنى بعد الفقر!
وأغرب من عنقاء في الطير شكله ... وأعوز من مسترفدٍ منه يحرم
العنقاء: اسم على غير مسمى، والعرب تزعم أنه طائر عظيم في عنقه بياض، وأنه بحيث لا يراه أحد، ولا يصل إليه. وقيل: إنه طائر ذهب فلم يبق في أيدي الناس غير اسمه. وإنما سمي عنقاء، لأن في عنقه بياض كالطوق. ويضرب المثل بالعنقاء في الشيء الذي لا يوصل إليه، فيقال: طارت به العنقاء وهو أعز وأغرب من العنقاء، ويقال له: عنقاء مغرب إضافة، وصفة، وإغرابها العادي: ذهابها في الطيران. والأعواز، والعوز: عدم الشيء.
يقول: مثل الممدوح في الناس أعز وجوداً، وأغرب من هذا الطائر الذي ليس له وجود، كذلك مثله أقل وجوداً من رجل يطلب عطاءه ورفده فيحرمه ويمنعه
وأكثر من بعد الأيادي أيادياً ... من القطر بعد القطر والوبل مثجم
مثجم: من أثجمت السماء، إذا دام مطرها. وأياديا: نصب على التمييز.
يقول: هو أكثر أيادياً بعد الأيادي من تتابع القطر في الوبل الدائم.
سني العطايا لو رأى نوم عينه ... من اللوم آلى أنه لا تهوم
التهويم: اختلاس أدنى النوم.
يقول: إنه كريم جواد، فلو ظن أن نومة يدنيه من البخل، حلف عليه ألا ينام، مع أنه شيء لا يقدر عليه.
ولو قال: هاتوا درهماً لم أجد به ... على سائل أعيا على الناس درهم
يقول: إن جميع ما في أيدي الناس من هباته، فلو طلب درهماً واحداً ليس من عطاياه لأعيا على الناس ذلك، لأنه لم يوجد ما ليس من مواهبه.
ولو ضر مرءاً قلبه ما يسره ... لأثر فيه بأسه والتكرم
الهاء في قلبه: للممدوح، وفي يسره للمرء.
يقول: إنه يسر بما فيه من البأس والشجاعة، فلو كان إنسان يضره ما يسره، لكان هذا الممدوح يضره بأسه وكرمه.
يروي بكالفرصاد في كل غارةٍ ... يتامى من الأغماد بيضاً ويوتم
الفرصاد: التوت وقوله: بكالفرصاد: أراد بدمٍ كالفرصاد حمرةً. وأراد باليتامى: سيوفاً فارقت أغمادها فصارت كاليتامى، وقيل: إنما قال ذلك؛ لأن أجفانها كسرت وفللت كأنها اليتامى.
يقول: يروى سيوفه عند كل غارة بدم الأعداء، وإنه يؤتم أولاد من قتله بهذه اليتامى التي هي السيوف، وقد روى: من الأغماد تنضى: أي تجرد.
إلى اليوم ماحط الفداء سروجه ... مذ الغزو سارٍ مسرج الخيل ملجم
الغزو: رفع: بالابتداء وخبره محذوف أي هذا الغزو واقع وكائن، لم يحط الفداء، والسعي بين العرب والروم بالصلح سروجه، من وقت الغزو إلى اليوم، فهو يسعى في ذلك، مسرجٌ خيله وملجم لها. ونسب الفعل إلى الفداء لأنه كان بسببه.
يشق بلاد الروم والنقع أبلقٌ ... بأسيافه والجو بالنقع أدهم
النقع: الغبار، وصفه بأنه أبلق، لبرق الحديد في خلاله، فقد اجتمع فيه السواد والبياض.
المعنى: أنه يقطع بلاد الروم وقد اسود الجو من غبار خيله، وبياض السيوف يلمع من خلال الغبار، فالجو أدهم: أي اسود بالغبار، والغبار أبلق بالسيوف، فأعلى الجو أسود، وأسفله بالسيوف أبلق.
إلى الملك الطاغي فكم من كتيبةٍ ... تساير منه حتفها وهي تعلم