responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 98
يقول: لو كان قلبه دارها، كان خالياً كخلوها، ولكن قلبي وإن كان جارياً مجرى دارها من حيث أنه محلها فإنه مملوء بالشوق بل جيش الشوق فيه كثير. وروى: ولو كان قلبي خالياً كان دارها، وقيل: هذا أولى. ومعناه: لو كان قلبي عامراً بالشوق لكان دارها؛ لأن جسمي ناحل مثل رسومها وفؤادي محترق كاحتراق أثافيها غير أن جيش الشوق فيه عرمرم.
أثافٍ بها ما بالفؤاد من الصلى ... ورسمٌ كجسمي ناحلٌ متهدم
الأثافي: تثقل وتخفف، وهي الأحجار التي تنصب تحت القدر. والصلى: الاحتراق.
تقدير البيت ومعناه: أثافٍ بها من الاحتراق، ما بالفؤاد من النار والشوق. ورسم تلك الدار ناحل متهدم كجسمي في نحوله.
بللت بها ردني والغيم مسعدي ... وعبرته صرفٌ وفي عبرتي دم
الردن: طرف الكم. والصرف: أي الخالص.
يقول: وقفت على آثار هذه الدار، فبكيت حتى بللت كمي من دموعي، وكان الغيم في تلك الحال يساعدني على البكاء، غير أن دمع الغيم كان صافياً لا يمازجه دم، وكان دمعي ممزوج بالدم.
ولو لم يكن ما انهل في الخد من دمي ... لما كان محمراً يسيل فأسقم
يقول: إن الذي ينصب من عيني دم؛ لأنه لو لم يكن دماً لما كان أحمر، ولم أسقم كلما سال من جفني؛ لأن الدم هو الذي يسقم إذا أفرط سيلانه، ومثله:
وليس الذي يجري من العين ماءها ... ولكنه نفسٌ تذوب فتقطر
بنفسي الخيال الزائري بعد هجعةٍ ... وقولته لي: بعدنا الغمض تطعم
يجوز في الخيال: الرفع على الابتداء، أي الخيال مفدى بنفسي. والنصب على إضمار فعل النسبة: أي أفدي الخيال. وهكذا في قوله. والألف واللام في الزائري: بمعنى الذي. أي الذي زارني بعد ما نمت نومة، وأفدي قوله معاتباً لي: بعدنا تطعم النوم، أي أن الخيال عاتبني فقال لي: كيف تنام بعد مفارقتي؟! فنفسي فداؤه لهذا القول.
سلامٌ فلولا الخوف والبخل عنده ... لقلت: أبو حفصٍ علينا المسلم
أي قال الخيال: سلام. فهو حكاية لقوله. ويجوز أن يكون أراد بالسلام: السلامة، فيكون التقدير بنفسي قوله: أتنام بعدنا؟ وأراد: أن الخيال لما رآه نائماً ولى عنه مغاضباً، فأخبر عن انصرافه بالسلام، لأن العادة أن يسلم الإنسان على صاحبه عند الانصراف، ثم استأنف وقال: فلولا الخوف والبخل عنده: أي لولا أن هذا الخيال فيه خوف وبخل، لكان يشبه الممدوح في حسنه وبهائه وطيب سلامه، فكنت أقول: إن هذا المسلم هو أبو حفص؛ وإنما قال ذلك، لأن الخوف والبخل محمودان في النساء، لأنها إذا خافت لم تقدم على ما لا يحل، وإذا بخلت حفظت ماء وجهها ومال زوجها.
محب الندى الصابي إلى بذل ماله ... صبواً كما يصبو المحب المتيم
الصابي: المائل. والمتيم: الذي استعبده الحب. والتيم: العبد.
يقول: إنه عاشق لبذل ماله، عشقاً متناهياً، كما يعشق المحب المستعبد حبيبته.
وأقسم لولا أن في كل شعرةٍ ... له ضيغماً قلنا له: أنت ضيغم
الضيغم: هو الأسد. من الضغم وهو العض يقول: لا يمكننا تشبيهه بالأسد؛ لأن كل شعرةٍ منه تقوم مقام الأسد، فلولا هذا، لقلت: إنه الأسد.
أتنقصه من حظه وهو زائدٌ! ... ونبخسه والبخس شيءٌ محرم؟!
هذا البيت تمام معنى البيت الذي قبله يقول: أتنقصه من حظة بأن تسميه أسداً، وهو زائد عليه فنكون قد بخسته حقه، والبخس أمر محرم.
يجل عن التشبيه، لا الكف لجةٌ ... ولا هو ضرغامٌ ولا الرأي مخذم
الضرغام: الأسد. والمخذم: السيف القاطع.
يقول: هو يرتفع عن التشبيه، فكفه أكثر من لجة البحر، وقلبه أجرأ من الأسد، ورأيه أمضي من السيف القاطع، والإنسان يشبه في سخائه بالبحر، وفي شجاعته بالأسد، وفي مضائه بالسيف.
ولا جرحه يوسى، ولا غوره يرى ... ولا حده ينبو، ولا يتثلم
يقول: لا يداوي جرحه، ولا يرى غوره: أي لا تعلم كنه صفاته وحقيقة أمره، ولا ينبو حده، فجعل له حداً لمضائه، وجعل ذلك الحد لا ينبو عن الضريبة، بخلاف حد السيف، فإنه قد ينبو ولا يعمل، وقد يتثلم وينكر، وهذا لا ينكر ولا يتثلم.
ولا يبرم الأمر الذي هو حالل ... ولا يحلل الأمر الذي هو مبرم

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست