responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 404
يقول: أعز مكان في الدنيا سرج فرس سابح، لأن الشجاع إذا ركبه امتنع، وخير جليس في الزمان كتاب؛ لأنك لا تخشى غوائله ويؤدبك بآدابه، ويؤنسك عند الوحشة بحكمه.
وبحر أبو المسك الخضمّ الّذي له ... على كلّ بحرٍ زخرةٌ وعباب
الخضم: الكثير العطاء، الزخرة: تراكم الماء، والعباب: مثله. وروى: بحر جراً على العطف على ما قبله. أي: وخير جليس في الزمان كتاب، وخير بحر أبو المسك. والتقدير: وخير البحور ثم أقام الواحد مقام الجمع. وروى: وبحر أبي المسك على الإضافة.
يقول: هو كثير العطاء، له فضل على كل سخي، كالبحر الذي يزيد على البحار. شبهه بالبحر، ثم فضله على سائر البحار.
تجاوز قدر المدح حتّى كأنّه ... بأحسن ما يثنى عليه يعاب
يقول: قد تجاوز غاية المدح وكل ما وصفته وأثنيت به عليه فهو دونه، وكأني إذا مدحته أعيبه وأنقصه عن قدره. وهو مأخوذ من قول البحتري:
جلّ عن مذهب المديح علا ... هـ فكأنّ المديح فيه هجاء
وغالبه الأعداء ثمّ عنوا له ... كما غالبت بيض السّيوف رقاب
يقول: إن أعداءه طلبوا مغالبته فقهرهم وأذلهم فخضعوا له. وكانوا له مثل رقاب غالبت السيوف فقطعتها.
وأكثر ما تلقى أبا المسك بذلةً ... إذا لم يصن إلاّ الحديد ثياب
التاء في تلقى خطاب لنفسه أو صاحبه. وأبا المسك مفعول تلقى وبذلةً نصب على التمييز.
والمعنى: أن أبا المسك في أكثر أوقاته تلقاه لابساً ثوب البذلة، في وقت لا يصون الأبطال الثياب، من الرماح والسيوف، وإنما يصونهم منها الحديد. فهو يباشر الحديد القتال في تلك الحال، لابساً ثوب البذلة حاسراً بلا درع ومغفر، وذلك لقوة قلبه وثقته بنفسه، وقلة مبالاته بعدوه. والحديد على هذا نصب مستثنى مقدم. ومفعول يصن محذوف كأنه قال: إذا لم يصن الأبطال والأبدان ثياب، ولكن الذي يصونها هو الحديد.
وقال ابن جني معناه: إذا لبست الأبطال الثياب فوق الحديد خشية واستظهاراً فهو في ذلك الوقت أشد ما يكون تبذلا بنفسه. والحديد: هو الدروع وهو منصوب لأنه مفعول يصن.
وأوسع ما تلقاه صدراً وخلفه ... رماءٌ وطعنٌ والأمام ضراب
الرماء مصدر راميته. والأمام نصب على الظرف، فكأنه قال: وأمامه، فجعل الألف واللام بدلاً من الإضافة.
يقول: أوسع ما يكون صدراً إذا كان في مضيق الحرب، وخلفه رمي وطعن من قبل الأعداء، وأمامه ضراب.
يعني: أنه يتقدم على أصحابه يضرب بالسيف وجوه الأعداء وأمامه ضرب وخلفه رمي، فيكون في تلك الحال ثابت النفس، لا يدخله روع وقلق.
وروى: وخلفه دماء والمعنى: أنه لا يضيق صدره عند مضيق الحرب، بل يقتل ويخلف دماءً سفكها، ويضرب أمامه بالسيوف.
وأنفذ ما تلقاه حكماً إذا قضى ... قضاءً ملوك الأرض منه غضاب
يقول: إذا أراد أمراً يغضب منه جميع ملوك الأرض، فذلك الأمر أنفذ ما يكون من أوامره، لأنهم لا يمكنهم أن يردوا عليه أمره.
يقود إليه طاعة النّاس فضله ... ولو لم يقدها نائلٌ وعقاب
يقول: لو لم يطعه الناس رغبةً في نائله ورهبة من عقابه، لأطاعوه لفضله. وهذا مثل قوله:
رأيتك لو لم تقتض الطّعن في الوغى
أيا أسداً في جسمه روح ضيغم ... وكم أسدٍ أرواحهنّ كلاب
يقول: أنت الأسد، وروحك روح الأسد، وغيرك من الملوك جسمه جسم الأسد، وروحه روح كلب.
شبههم بالأسود من حيث الجثة وبالكلاب من حيث الهمة. وقوله: أرواحهن كلاب: أي أرواحهن أرواح كلاب فحذف المضاف.
ويا آخذاً من دهره حقّ نفسه ... ومثلك يعطى حقه ويهاب
يقول: هذا الملك حق لك، أخذته من دهرك قهراً، ولم يقتدر أن يمتنع من ذلك، ومن كان مثلك في البأس والقوة: يخاف منه ويعطى حقه.
لنا عند هذا الدّهر حقٌّ يلطّه ... وقد قلّ إعتابٌ وطال عتاب
يلطه أي يمطله ويدفعه والإعتاب: الرجوع إلى أن تجيب من يعاتبك.
يقول: لنا عند الدهر حق يمطلنا به، قد طال عتابنا له وهو لا يرجع إلى ما أحبه.
وقيل: هذا تعريض بالممدوح، وأنه طال عتابه واستبطاؤه فيما كان يعده به من الولاية.
وقد تحدث الأيّام عندك شيمةً ... وتنعمر الأوقات وهي يباب
الشيمة: العادة. واليباب: الخراب، وقيل: هو إتباع لخراب.

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست