responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 109
الخريت: الدليل العالم بخفيات الطرق، كخفاء ثقب الإبرة. والتوى: الهلاك. والحرباء: دابة أكبر من العظاية، على خلقتها. ويقال: إنها ذكر أم حبين تستقبل الشمس دائماً كيف دارت. والهاء في فيها: للطريق، لأنها تؤنث. وقيل: ترجع إلى البيداء.
المعنى: أن هذه الطريق مجهولة فالدليل إذا سلكها يتقلب يميناً وشمالاً وخلفاً وقداماً، ومن ناحية إلى ناحية؛ وهذا هو التلون، كما تتقلب الحرباء في الشمس. ذكره ابن جنى.
وقيل: أراد أنه يصفر لونه مرة، ويسود تارة، ويحمر أخرى؛ خوف الهلاك ورجاء الاهتداء. فهذا هو التلون كحال الحرباء مع الشمس.
بيني وبين أبي عليٍّ مثله ... شم الجبال ومثلهن رجاء
الهاء في مثله: للممدوح. والشم: جمع أشم، رفع لأنه بدل من قوله: مثله ويجوز أن يكون الابتداء مضمر أي: هو شم الجبال. فيكون كالتفسير لمثله ومثلهن منصوب؛ لأنه وصف لنكرة وهو رجاء فلما تقدمت على الموصوف نصبت على الحال.
يقول: بيني وبين الممدوح جبالٌ، هي مثل الممدوح في العلو والثبات والرزانة والوقار. فشبه الجبال به، ولم يشبهه بالجبال.
وهذه عادته: أن يمكن التشبيه في الموصوف، ويجعل المعنى ثابتاً فيه. ثم قال: ومثلهن رجاء. أي لي رجاء عنده مثل هذه الجبال.
وعقاب لبنانٍ، وكيف بقطعها ... وهو الشتاء، وصيفهن شتاء؟
العقاب: جمع عقبة. ولبنان: جبل بالشام في ناحية دمشق. والباء في بقطعها زائدة. قوله: وهو الشتاء في موضع نصب على الحال.
يقول: بيني وبينه عقابٌ وهي شديدة البرد، وصيفها مثل شتاء غيرها، فكيف لي بقطعها في الشتاء وهي بهذه الصفة؟
لبس الثلوج بها علي مسالكي ... فكأنها ببياضها سوداء
لبس: أي عمى وغطى وأخفى، علي الطريق في هذه العقاب، فكأنها مع بياضها سوداء؛ حيث أن الطريق خفي فيها وهي بيضاء، كما يخفى في سواد الليل، إذ العادة أن الطريق لا يخفيه إلا سواد الليل وظلمة الغيم، فمتى خفي بالبياض صار بمنزلة السواد.
وكذا الكريم إذا أقام ببلدةٍ ... سال النضار بها وقام الماء
النضار: هو الذهب. وقام الماء: أي جمد. وأراد بالكريم: الممدوح. يعني إنما جمد لتحيره في عطائه، وخجله من كثرة سخائه، وسال الذهب في هباته كما سال الماء.
جمد القطار فلو رأته كما رأى ... بهتت فلم تتبجس الأنواء
الأنواء: الأمطار بالقمر؛ وقد بيناه. وتتبجس: أي تتفجر. ورأى: فعل القطار، رده إلى اللفظ، وليس فيه علامة التأنيث. وروى: كما أرى أي لو رأته القطار كما أرى وأشاهد، لميزت كما ميزت، ولو رأته الأنواء والقطار على اختلاف التقدير. يعني: لو رأته الأنواء كما رأته القطار. ويجوز رفع الأنواء من ثلاثة أوجه: أحدها: بقوله: رأته.
والثاني: بقوله: بهتت الأنواء.
والثالث: فلم تتبجس وهو المختار عند البصريين، وباقي الأفعال فيه ضمير الأنواء.
يقول: إن المطر لما رأى جوده جمد وتحير فصار ثلجاً، ولو رأته الأنواء كما رآه المطر لتحيرت ولم تتفجر بالماء؛ خجلاً منه، وهذا على مذهب من يعتقد أن الأمطار من النجوم.
في خطه من كل قلبٍ شهوةٌ ... حتى كأن مداده الأهواء
يقول: كل أحد يهوى خطه لحسنه، فشهوة كل قلب حاصلة في خطه، فكأن مداد خطه من أهواء الناس ومحبتهم.
ولكل عينٍ قرةٌ في قربه ... حتى كأن مغيبه الأقذاء
القرة: المسرة وأصله البرد. والمغيب: الغيبة. والأقذاء: جمع قذىً، وهو ما يسقط في العين. وروى الإقذاء مصدر من أقذيت عينه إذا طرحت فيها القذى.
يقول: كل أحد يسر من قربه ويحزن لفراقه، فكأن رؤيته قرة العين، وغيبته قذى يسقط فيها.
من يهتدي في الفعل ما لا يهتدي ... في القول حتى يفعل الشعراء
تقديره: من يهتدي في الفعل إلى ما لا يهتدي إليه الشعراء في القول حتى يفعله. فالشعراء: رفع بقوله: ما لا يهتدى وأما يهتدى. ففيه ضمير الممدوح، وكذلك في حتى يفعل وفي هذا البيت وجوه: أحدها: أن من يصلح أن يكون بمعنى الذي، موضعه رفع بخبر الابتداء المحذوف. أي هو الذي، وما بعده إلى آخر البيت صلة، والضمير العائد إليه مستتر في الفعل الذي يليه.
والثاني: يصلح أن يكون استفهاماً: أي من يفعل هذا غيره؟ وهو مرفوع بالابتدائ وما بعده خبر عنه.

اسم الکتاب : معجز أحمد المؤلف : المعري، أبو العلاء    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست