responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 63
القول في القدح قال القاضي شهاب الدين بن فضل الله في وصفه: تكوّن من جوهر مكنون وتجسد من هواء مظنون واتخذ خدر الآنية العنب وطاف به الساقي فأصبح منه في راحة وهو في تعب قهقه عليه الإبريق فصدح وطار منه شرار المدام فقيل قدح وكتب سيدنا ومولانا بدر الدين محمد بن أبي المخزومي المالكي الشهير بابن الدماميني فسح الله في أجله إلى سيدي الجناب المجدي فضل الله بن مكانس أدام الله عزه وذلك في ربيع الأول سنة خمس وتسعين وسبعمائة وقد تجاسر العبد وتوقا بمكارم الأخلاق المخدومية فأهدى هذا اللغز لينعم مولانا بقبوله ويتفضل بحله عند حلوله فقال ما اسم حبيب إلى النفوس شبيه بالبدر حليف للشموس إن قلب كان لقلبه من العين مكان من المناسبة وإن سقط قلبه مع هذا الفعل كان ضد الأقوال الكاذبة وإن صحف بعد العكس أنبأ عن الذكاء وهذا غاية الشرح وإن غير ثانيا علم ورب الكلام المحرر أنه دال على الطرح حسبناه مع التصحيف آلة للصيد معينة على المكر والكيد إن قلع طرفه كان مزج باقيه قواما وإن عكس كان الطرب بتصحيفه مداما وإن زال أوله كان العكس عتابا المتعاطي إثمه وإن صحف اشتاقت الشفاة إلى تقبيله ولثمه وربما كان الهزل عن تصحيفه الآخر منافيا لاسمه مباينا في الحقيقة لحده ورسمه والمملوك يسأل الصفح عن هذا الهذيان والامتنان بالجواب مع شيء من نظم المقر الصاحبي للوالدي وشيء من نثره ليحلى المملوك بعقوده جيد تذكرته ويتأنس بحسنه الغريب في زمن غربته فكل غريب للغريب نسيب ومدح مولانا أجل من أن يحيطه قلم العبد أو لسانه أو يحصره بيان الأديب أو بنانه ونسأل الله تعالى أن يمتع بقائه ويعلى درجات ارتقائه بمنه وكرمه فكتب الجواب يقبل الأرض التي أطالت بالجفا حرمانه وتداركته بعد إجراء دموعه فعظمت في الحالتين منها شأنه وانتهى إلى اللغز الذي يمتع بمحله ويشرب بقدحه فابتهل شكرا ومالت أعطافه بالقدح الفارغ سكرا فوجده كما قال حبيب إلى النفوس يجتهد في التوصل بماء حاره إلى الرءوس يأتيك بالمعنى اللطيف ويقف حذقك من تصحيفه بعد العكس بين تصحيف وتحريف فحله من ساعته وقابل شمسه المنيرة بذبالته وكتب قرينه لغزا وخالف نفسه إذ قالت لا تتعبني في مجاراة هذا الجواد لذا وقد ذكرته أولا في باب الرياحين وقال القاضي التنوخي رحمه الله تعالى:
وراح من الشمس مخلوقة ... بدت لك في قدح من نهاري
هواء ولكنه جامد ... وماء ولكنه غير جاري
إذا ما تأملتها وهي فيه ... وتأملت نورا محيطا بناري
فهذا النهاية في الابيضاض ... وهذا النهاية في الاحمرار
كأن المدير لها باليمين ... إذا قام للسقي أو باليسار
تدرع ثوبا من الياسمين ... له فردكم من الجلنار
وقال النضير الحمامي رحمه الله تعالى:
أصبحت من أغنى الورى ... مستبشرا بالقدح
عندي خمر ذهب ... أكتاله بالقدح
وأنشدني سيدي وأخي تقي الدين أبو بكر حجة الحموي لنفسه مضمنا رحمه الله:
أرى طير أقداحنا نائحا ... يحوم على عذب ورد القدح
فقلت لدر الحباب اجتهد ... ومد الشباك وصد من سبح
وقال ابن تميم:
يا حسنه قدح يضيء زجاجه ... ليل الهموم إذا ادلهم وعسعسا
أهديته مثل النهار فإن حوى ... صرف المداد غدا نهارا أشمسا
الإبريق) قال ابن المعتز:
وكأن إبريق المدامة بيننا ... طبي على شرف أناب مدلها
لما استحثه السقاة حثى لها ... فبكى على قدح النديم وقهقها
وقال إبراهيم بن إسحاق الموصلي رحمة الله عليه:
كأن أباريق المدام لديهم ... ظباء بأعلى الرقمتين قيام
وقد شربوا حتى كأن رقابهم ... من اللين لم تخلق لهن عظام
صاعد اللغوى:
كأن إبريقنا والراح في فمه ... طير تناول ياقوتا بمنقار
السرى الرفاء الموصلي رحمة الله عليه:
إبريقنا عاكف على قدح ... تخاله الأم ترضع الولدا
أو عابدا من بنى المجوس إذا ... توهم الكاس سرعة له سجدا
السراج المحار (توفي سنة إحدى عشر وسبعمائة رحمة الله عليه) :
يا حبذا شكل إبريق تميل له ... منا القلوب وتصبو نحوه الحدق
يروق لي حين أجلوه ويعجبني ... منه طلاوة ذاك الجسم والعنق

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست