اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 54
وقال سيدنا بدر الدين محمد بن الدماميني في كتابه الذي وضعه على غيث الأدب الذي انسجم في شرح لامية العجم تصنيف الشيخ صلاح الدين الصفدي وسماه كتاب نزول الغيث عند ذكر هذين البيتين: ظاهر هذه العبارة أن الأغصان شبهت في حال انثنائها أمام البدر في الدجا ببنت مليك تطل من خلف شباكها للنظر في موكب أبيها وذلك عن مظان التوجيه بمعزل ومقصوده أن البدر في حال ظهوره من خلال الأغصان المثنية على الصفة المذكورة شبه ببنت مليك على تلك الحالة تمثيلاً للهيئة الاجتماعية بشبيهها لكن لفظه لا يساعده على هذا المطلوب فإنه جعل الأغصان مبتدأ وأخبر عنه بقوله بنت مليك فلم يتم له المراد وكثير ما يقع له في هذا.
قال يصف خالاً على شفة:
قد شبه الخال على ثغره ... تشبيه من لا عنده شك
كسبحة من جوهر تضمنت ... حق حقيق قفله مسك
وأين هذا من قول الطغرائي:
انظر إلى الجنة في ثغره ... لا ريب في ذاك ولا شك
أما ترى فيه الرحيق الذي ... ختامه من خاله مسك
على أن مقطوع الصفدي الأول مع ما فيه من العيب مأخوذ من قول ابن قرناص.
وحديقة غناء ينتظم الندى ... بفروعها كالدر في الأسلاك
والبدر يشرق من خلال غصونها ... مثل المليح يطل من شباك
وقد عيب هذا البيت وشتان بين ذاك وبينه فتأمله: انتهى كلام الشيخ بدر الدين وقال بعضهم وأحسن: نحن في عب سماء أقلعت بعد الارتواء وأقشعت عند الاستغناء والنبت خضل ممطور والنقع ساكن محصور رش جبين النسيم وابتل جناح الهوى وضربت خيمة الغمام واعرورقت مقلة السماء وقام خطيب الرعد ونبض عرق البرق.
وقال ابن الساعاتي (توفي سنة أربع وستمائة بالقاهرة وعمره إحدى وخمسون سنة) :
ولد نزلت بروضة عبقية ... رتعت نواظرنا بها والأنفس
فظللت أعجب حيث يحلف صاحبي ... والمسك من نفحاتها يتنفس
ما الدوح إلا جوهر والجو إلا ... عنبر والأرض إلا سندس
سفرت شقائها فهم الأقحوا ... ن فرنا إليها النرجس
فكأن ذا خد وذا ثغر تحا ... وله وذا أبدا عيون تحرس
بدر الدين بن يوسف بن لؤلؤ الذهبي رحمه الله تعالى:
وحديقة مطلولة باكرتها ... والشمس ترشف ريق أزهار الربا
ينكسر الماء الزلال على الحصا ... وإذا غدا بين الرياض تشعبا
وقال:
باكر إلى الروضة نستحلها ... فثغرها ياصاح بسام
والنرجس الغض اعتراه الحيا ... فغض طرفاً فيه أسقام
والغصن فيها ألف قد بدا ... والنهر في أرجائها لام
وبلبل الدوح فصيحاً على ... الأريكة والشحرور تمتام
صفوان بن أدريس (توفي سنة 98 رحمه الله تعالى) :
جاد الربا من بانة الجرعاء ... نوآن من دمعي وغيم سماء
يا ليت شعري والزمان منقل ... والدهر ناسخ شدة برخاء
هل نلتقي في روضة موشيه ... خفاقة الأغصان والأفياء
وننال فيه من تألفنا ملوماً ... فيه سخنة أعين الرقباء
في حيث اطلعت الغصون سوالفاً ... قد قلدت بلآلئ الأنداء
وجرت ثغور الياسمين فقبلت ... عني عذراء الآسة الميساء
والورد في شط الخليج كأنه ... رمد ألم بمقلة زرقاء
وكأن غصن الزهر في خضر الربا ... زهر النجوم تلوح في الخضراء
وكأنما جاء النسيم مبشراً ... للروض يخبره بطول نواء
فكساه خلعة طيبة ورمى له ... بدراهم الأزهار رمى سخاء
وكأنما احتقر الضبيع فبادرت ... بالعذر عنه نغمة الورقاء
والغصن يرقص في حلي أوراقه ... كالخود في موشية خضراء
واجتر ثغر الأقحوان بما رأى ... طرباً وقهقه منه جري الماء
أفديه من أنس تصرم وانقضى ... فكأنه قد كان في الإغفاء
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 54