اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 288
نقلت من خط الشيخ بهاء الدين الموصلي ولد شيخنا العلامة عز الدين أبي الخير الموصلي من مقامة وسماها بسلوة الغريب وخلوة الحبيب منها في وصف القصر الأبلق بدمشق وقصرها الأبلق ليس بالعقوق من شاهد بديع معانيه لنهى عن العاشق والمعشوق قد شام في غمده مشهور عمدان وأسبل على أيوان كسرى ستر النسيان يبهر الناظر حسن معناه ولا يقدر على وصف محاسنه من يراه الماء مرفوع في أقطاره ونواحيه منتصف في فوار بركه لتمييز ناظريه يتكسر جمعه على شازرواناته بإضافته إلى مجاريه فقد اجتمع لقاطنه إضافة المعنى والحسن الباهر ولم يكمل ذلك البهاء إلا بكمال جمال الظاهر أعين شبابيكه إلى ميدانه الأخضر ناظرة قد جمع الصادح والباغم واللاقط والطاغم به الظباء الأوانس والمها الكوانس أقطاره عريضة طويلة لا ترجع الأبصار من السفر في زمنه إلا كليلة أخجلت خمائله الأيك والغصون ولاذ القائف بالسلوان عن اقتفاء أثر السلوك في معانيه التي كلها عيون وقف الأبلق حين جرى إلى منتهاه وأدركه الإعياء فسكن بأقصاه وشاهد الشقراء تمرح في ميدان واديها فأراد الوصول إليه فعاوده الاضطراب فقطعت على الأنهار الطريق وضرب بينهما بسور له باب.
الإيوان: من بعد هدمه بناه وزير كسرى أبرويز في نيف وعشرين سنة ومائة ذراع في عرض خمسين في سماك مائة من الآجر الكبار والجص وثخن الجدار الأزج خمس أجرات وطول الشرف خمسة عشر ذراعا ولما بنى المنصور بغداد حب أن ينقضه ويبني به فاستشار خالد بن برمك فنهاه وقال هو آية الإسلام ومن علم أن هذا بناؤه لا يزيل أمره إلا نبي وهو مصلى علي بن أبي طالب (والمؤنة في نقضه أكثر من الارتفاق به فقال أتت الأمثلاء من العجم فهدمت ثلمة منه فبلغت النفقة عليها مالاً كثيرا فأمسك فقال خالد أنا لا أشير بهدمه لئلا يتحدث بعجزك عنه فلم يفعل وعلى ذكر الإيوان فما أحسن ما أنشدني من لفظه لنفسه أجازة شيخنا العلامة عز الدين أبو الخير الموصلي محاجيا:
يا من له الطول في المعالي ... وبالمعاني لنا يبصر
أنى كما قلت في سؤالي ... ما مثل قولي ينعم مقصر
القاضي فتح الدين بن الشهيد على لسان مجلس داره وقد بنى لبعض الأجلاء في داره مجلس عال:
يا من ينزه في حسني نواظري ... اسمع صفات بها فقت أمثالي
أنى مقام مقر عز جانبه ... ودون قدر جناب المجلس العالي
أنشدني من لفظه لنفسه الأديب الفاضل الكامل شمس الدين أبو عبد الله الجراحي في مجلس بناه سيدنا ومولانا قاضي القضاة وشيخ الشيوخ خطيب الخطباء أبو الحسن علاء الدين بن أبي البقاء السبكي الشافعي تغمده الله برحمته:
ومجلس قد قال لي منشي ... ما مثله في الفضل قاضي القضاه
قد لأسس البنيان مني على ... تقوى من الله وأرضى الإله
فصرت كالكعبة من أجله ... تسعى إلى نحوي الحفاة العراه
فما سعى نحوي أخو شدة ... إلا ومن ربي لاقى رضاه
فالاسم مني في الهجا معرب ... وإنما للمدح قصدا بناه
خص بخفض العيش من أمني ... ورفعه يبقى بقصد النحاه
قاض قضى بالحق لكنه ... جار على ما ملكته يداه
فما اشتكى الفقر إليه امرئ ... إلا ونادى المال كن في رضاه
وأنشدنني لنفسه فسح الله في أجله في منزل القاضي فتح الدين بن الشهيد:
يا منزلا بالبهاء والحسن ناظر من ... طرز الملوك طرازي لست من طرزي
والناس دون محل الغير تقصدني ... من القبول لأن السر في حرزي
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 288