responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 244
وكتب الوهراني على لسان بغلته إلى الأمير عز الدين موسك المملوكة ريحانة بغلة الوهراني يقبل الأرض بين يدي الأمير عز الدين حسام أمير المؤمنين نجاه الله من حر السعير وعطر بذكره قوافل العير ورزقه من القرظ والتبن والشعير وسق مائة ألف بعير واستجاب فيه مصالح أدعية الجم الغفير من الخيل والبغال والحمير، وننهى إليه ما نقاسيه من مواصلة الصيام وسوء القيام والتعب في الليل والناس نيام، قد أشرفت مملوكته على التلف وصاحبها لا يحتمل الكلف ولا يوافى بالخلف ولا يقول بالعلف لأنه في بيته مثل المسك والعنبر والاطريفل الأكبر أقل من الأمانة في الاقباط والعقل في رأس قاضي سنباط فشعيرة أبعد من الشعري العيور ولا وصول إليه ولا عبور وقراطة أعز من قرط مارية لا يخرجه صدقة ولا هبة ولا عارية والتبن أحب إليه من الابن والجلبان أعز من دهن البان والقصيم بمنزلة الدر النظيم والقضة أجمل من سبائك الفضة وأما القول فمن دونه ألف باب مقفول فما يهون عليه أن يعلف الدواب إلا بعيون الآداب والفقه اللباب والسؤال والجواب وما عند الله من الثواب ومعلوم يا سيدي أن البهائم لا توصف بالحلوم ولا تعيش بسماع العلوم ولا تطرب إلى شعر أبي تمام ولا تعرف الحرث بن همام ولاسيما البغال التي تشتغل في جميع الأشغال شبكة من الفصيل أحب إليها من كتاب التحصيل وقفة من التدريس أشهى إليها من وقفة ابن ادريس لو أكل البغل كتاب المقامات مات وإن لم يجد إلا كتاب الرضاع ضاع وإن قيل له أنت هالك إن لم تأكل موطأ مالك ما قبل ذلك وكذلك الجمل لا يتغذى بشرح أبيات الجمل وحزمة من الكلاء أحب إليه من شعر أبي العلاء وليس عنده طيب شعر أبي الطيب وأما الخيل فلا تطرب إلا لسماع الكيل وإذا أكلت كتاب الذيل ماتت في النهار قبل الليل والويل لها ثم الويل ولا تستغنى الاكاديش عن الحشيش وكل ما في الحماسة من شعر أبي الحريش وإذا أطعمت الحمار شعر ابن عمار حل به الدمار وأصبح منفوخاً كالطبل على باب الاصطبل وبعد هذا كله فقد راح صاحبها إلى العلاف وعرض عليه مسائل الخلاف فطلب من تبنه خمس قفاف فقام إليه بالخفاف يخاطبه بالشعير وفسر عليه آية التعبير وطلب منه ويبة شعير فحمل على عياله ألف بعير فانصرف الشيخ منكسر القلب مغتاظاً من الثلب وهو أنحس من ابن بنت الكلب فالتقت إلى المسكينة وقد سلبه الغيظ ثوب السكينة وقال لها إن شئت أن تكدى فكدى لا ذقت شعيراً ما دمت عندي فبقيت المملوكة حائرة لا قائمة ولا ثائرة فقال لها العلاف لا تجزعي من خباله ولا تلتفتي على سباله ولا تنظري إلى نفقته ولا يكون عندك أخس من عنفقته هذا الأمير عز الدين سيف الأمير المؤمنين عز المجاهدين أندى من الغمام وأمضى من الحسام وأبهى من البدر ليلة التمام يرثى للمحروب ويفرج عن المكروب وهو من بنى أيوب ولا يرد قائلاً ولا يخيب سائلاً فلما سمعت المملوكة هذا الكلام جذبت الزمام ورفضت الغلام وقطعت اللجام وشقت الزحام حتى طرحت خدها على الأقدام ورأيك العالي والسلام.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست