responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 241
إحداهما: أنى ركبت حماراً من مصر إلى القاهرة فلما كنت في أثناء الطريق حاد بي عن السكة فجهدن أن أرده فلم أطق حتى انتهى إلى جدار بستان فوقف وبال وعاد إلى الطريق وكذا جرى لي مع حمارين آخرين.
والأخرى: أنه كان عندنا رجل بمصر يضرب حلقة على حمار قد علمه وكان يجمع له عدة مناديل من المتفرجين عليه ويلقيها على ظهره ويامر بأن يعطي كل منديل لصاحبه فيدور في الحلقة ولا يقف إلا على من له في ظهره منديل فإن أخذه ذهب عنه وإن أخذ غيره لا يذهب ولو ضربه مائة ضربة ويأخذ الخاتم من إصبع الرجل ويسأله عن وزنه ويقول له كم وزن الخاتم فان كان وزنه درهماً مشى خطوة واحدة وان كان درهماً ونصفا مشى خطوة ونصفا وان كان أكثر من ذلك فبحسابه، بينما هو واقف إذ قال له شخص الوالي يسخر

42 في الخيل والدواب ونفعهاز..
الحمير فما تم كلامه إلا وقد ألقى بنفسه على الأرض ونفخ بطنه وقطع نفسه كأنه ميت منذ زمان، ثم قال له بعد ذلك ما بقيت سخرة فنهض قائماً ذكر صاحب المباهج.
ما قي فيه من الأوصاف: قال أبو العيناء لبعض سماسرة الحمير: اشتر لي حماراً لا بالطويل اللاحق ولا بالقصير اللاصق إن خلا الطريق تدفق وإن كثر الزحام توفق لا يصادم بي السواري ولا يدخل بي تحت البواري إن أكثرت علفه شكر وإن أقللته صبر وإن ركبته هام وإن ركبه غيري نام فقال له: إن مسخ الله بعض قضاتنا حماراً أصبت حاجتك وإلا فليست موجودة.
شيب بن شبة لقيت خالد بن صفوان على حمار فقلت له: يا صفوان أين أنت عن الخيل؟ فقال تلك للطلب والهرب ولست طالباً ولا هارباً، قلت فأين أنت عن البغال؟ فقال تلك للإنزال والأثقال ولست ذا نزل ولا ثقل، قلت فأين أنت عن البراذين؟ قال تلك للمعدين والمسرعين ولست معداً ولا مسرعاً، قلت فما تصنع بحمارك؟ قال أدب عليه دبيباً وأقرب عليه تقريباً وأزور إذا شئت عليه حبيباً، ثم لقيته بعد ذلك على فرس فقلت له يا صفوان ما فعلي بالحمار؟ قال بئس الدابة إن أرسلته ولى وإن استوقفته أدلى قليل القوة كثير الروث بطئ عن الغارة سريع إلى الغرارة لا ينكح به النسا لا ترقى به الدما.
ويروي أن سليمان بن علي رآه على حمار فقال له زين الخيل يا أبا صفوان فقال الخيل للجمال والبغال للأثقال والإبل للأحمال والحمير للإمهال، وقال جرير بن عبد الحميد لا تركب الحمار فإنه إن كان حديداً أتعب بدنك وإن كان بليداً أتعب رجليك.
ومما قيل فيه قول أحمد بن أبي طاهر:
شية كأن الشمس فيها أشرق ... وأضاء فيها البدر عند تمامه
و: انه من تحت راكبه إذا ... ما لاح برق لاح تحت غمامه
ظهر كمجرى الماء لين ركوبه ... في حالتي أتعابه وحمتمه
سفهت يداه على الثرى فتلاعبت ... في حزنه وسهوله وأكمامه
عن حافر كالصخر إلا أنه ... أقوى وأصلب منه في استحكامه
ما الخيزران إذا انثنت أعطافه ... في لين معطفه ولين عظامه
فكأنه بالريح منتقل وما ... جرت الرياح كجريه ودوامه
أخذ المحاسن آمناً من عيبه ... وحوى الكمال مبرأ من ذامه
الجزار يصفه بالبلادة والعجز:
هذا حماري في الحمير حمار ... في كل خطوة كبوة وعثار
قنطارين تبن في حشاه شعيرة ... وشعيرة في ظهره قنطار
القول في طبائع الإبل: وهذا النوع ثلاثة أصناف: عرابي ويمنى ونجيبي فاليمنى هو النجيب ويتنزل منها منزلة العتيق من الخيل والعرابي كالبرذون والنجيبي كالبغل ويقال النجيب ضأن الإبل وهي متولدة من فاسد منى العرابي فقط فان منى النجب منجب فكأنه حصل له نصف البغل فأما النجيب فزعم من حكى عن الجاحظ قوله: إن في الإبل ما هو وحشي وأنه يسكن أرض وبار وهي غير مسكونة وقالوا ربما بدا الجمل في الهياج فيحمله ما يعرض له على أن يأتي أرض عمان فيضرب في أذني ما هجمه من الإبل فالمهرية من ذلك النتاج وتسمى الإبل الوحشية الحوس ويقولون إنها بقايا إبل عاد وثمود ومن أهلكه الله تعالى من العرب العارية والمهرية منسوية إلى مهرة قبيلة باليمن وهي لا يعد لها شيء في سرعة عدوها يعلفونها بسمك يصاد في بحر عمان يصاد ويقدَّد، وأما النجيب فمنها ما يرهون مثل البراذين ومنها ما يجمز جمزاً ويرقل ارقالاً والجمز في الإبل كالخبب في الخيل.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست