اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 239
القول في طبائع الفرس: وإنما بدأت به لأته قريب من الاعتدال الخالص وأحسن ذوات الأربع صورة وأفضل من سائرها وأشبهها بالإنسان لما يوجد فيه من الكرم وشرف النفس وعلو الهمة وتزعم العرب أنه كان وحشياً وأول من ذلل صعبه وركبه إسماعيل عليه السلام وهو جنسان عتيق وهو المسمى فرسا وهجسن وهو المسمى برذونا والفرق بينهما أن عظم البرذون أحسن من عظم الفرس وعظم الفري أصلب وأثقل من عظم البرذون والبرذون أحمل من الفرس والفرس أسرع من البرذون والعتيقى بمنزلة الغزال والبرذون بمنزلة الشاة ولكل واحد منهما نفس تليق به وآلات مناسبة له وفي طبع الفرس الزهو والخيلاء والعجب والسرور بنفسه والمحبة لصاحبه ومن أخلاقه الدالة على كرمه شرف نفسه ومن شرفها أنه لا يأكل بقية عليق غيره وعلو همته كما حكى المؤرخون أن أشقر مروان كان سائسه لا يدخل عليه إلا بأذن يحرك له المخلاة فإن حجم دخل وأن دخل ولم يحمحم شد عليه وناهيك بهذا الخلق في علو الهمة والأنثى من الخيل ذات شبق شديد ولشدة شبقها تطيع الفحل من غير نوعها ويقال إنه متى اشتد شبقها وقص من عرفها سكن عنها والذكر يشتد به الشبق ويزيد حتى يؤثر أن يأتي لفرط شهوته وقصور آلته عن الوفاء بتسكين ما يجد وربما اقتتل الفحلان بسبب الأنثى حتى تكون لمن يغلب منهما ويقال إن الإناث تمتلئ في أوان السفاد ريحل وإذا أصابتها هذه الآفة ركض بها ركضاً شديداً متتابعاً، ولا يؤخذ بها إلى الشرق ولا إلى الغرب بل إلى الشمال والجنوب حتى يخرج من أرحامها بشيء كما يخرج عند ولادتها وهي في زمان السفاد تطأطىء برءوسها وتحرك أذنابها ويسيل من قبلها شيء يشبه المنى غير أنه رقيق وإذا تودقت الرمكة فأفرطت وكان بها هزال أو ضعف من علة ولم يكن أن تبرأ علتها لتلك أنزى عليها بغل لأته لا يلحقها وهو يبلغ أقصى شفائها وغاية شهوتها بالذي معه من الطول والغلظ فيسكن ذاك عنها، والذكر يكون مع ثلاث أناث وأكثر وإذا دنا آخر من الأنثى التي اختارها قاتلة وطرده والطمث يعرض للإناث لكنه أقل من طمث النساء والذكر ينزو إذا تمت له سنتان وكذلك الإناث والإناث تحمل أحذ عشر شهراً وتضع في الثاني عشر وهي تضع ولداً واحداً وربما وضعت في النادر والذكر ينزو إلى إتمام أربعين سنة ورما عمر إلى تسعين سنة والأنثى تأنف من نزو الحمار عليها فإذا أريد ذلك منها أخذت بعرفها فتذل وتستكين وكذلك الفحل يأنف أن ينزو على أخته وعلى أمه ولقد حكى أنه أريد أن يحمل على رمكة ولد لها يريدون بذلك العتق فأنف فلما سترت بثوب نزا عليها فلما رفع الثواب ورآها من محضر ألقى نفسه في بعض الأدوية فهلك، والخيل قد ترى الأحلام وتحتلم كبنى آدم وذلك لفرط الشهوة فيها ومتى ض لت الأنثى أو هلكت وكان لها فلو أرضعته الإناث وربتها وإذا لم يكن فيها ما يرضع عطف عليه العواقر وتعاهدنه ولكنه يهلك إذ ليس فيها لبن وربما ضل الفلو عن أمه فرضع من غيرها فإذا فعل ذلك ماتت أنه، ويعترى الفرس داء شبيه بالكلب وعلامته استرخا أذنيه إلى ناحية عرفه وامتناعه من العلف وليس لهذا الداء علاج إلا السكين، وفي طبع الفرس أنه لا يشرب الماء إلا كدرا حتى أنه يرد الماء وهو صاف فيضرب بيده حتى يكدره ويبين عكره وربما ورد الماء الصافي وهو عطشان فيرى فيه خيالاً له ولغيره فيتحاماه ويأباه وذلك لفزعه مما يراه ويوصف بحدة البصر حتى أن بعض المغالين فيه يقول لو أجرى فرس من شوط بعيد في يوم ضباب واعترضت بين يديه شعره لتوقف عندها ولم يتعهدها وفي طبعه أنه إذا وطئ على أثر الذئب حذرت قوائمه حتى لا يكاد يتحرك وخرج الدخان من جلده وإذا وطئته الحامل منها أزلفت.
فصل: والعلامات الجامعة للنجابة في الفرس ما ذكره أيوب بن الفرية وقد سأله الحجاج عن صفة الجواد من الخيل فقال: القصير الثلاث الصافي الثلاث الطويل الثلاث الرحيب الثلاث، فقال صفهن فقال: أنا الثلاث الصافية فالعينان والأديم والحوافر، وأما الثلاث القصار: فالعسيب والساق والظهر، وأما الثلاث الطوال: فالأنف والعنق والذراع، وأما الثلاث الرحبة: فالجوف والمنخر والجبهة.
42 في الخيل والدواب ونفعها ...
ومما قيل فيه قول عيد الجبار بن حمديس الصقلي:
ومجرد في الأرض ذيل عسيبه ... حمل الزبرجد منه جسم عقيق
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 239