اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 224
الماس: قال بلينوس الماس حجر ذهبي وهو أشبه الأحجار بالأجساد المذابة لأنه ليس من الأحجار شيء يسحقه كما تسحق الأحجار بعضها بعضاً فلذلك شبهته بالأجساد ولم يفسده شيء من الأحجار غير الآبار فلذلك قلت إنه حجر ذهبي وأقول أن الماس إنما كان في معدنه وابتداء خلقته ليكون ذهباً وذلك أن الماء في معدنه فلما سخنته الحرارة يبس الماء من الحر الذي سخنته جداً فصار حجراً فلما كثرت عليه الحرارة وعرض في الماء غلظ فصارت فيه لزوجة لغلظه وصار أشبه شيء بالزيبق وتولد فيها رطوبة المعدن ويبسه بلطافة الطباع وملح وشفه الماء والريح فغلظ واشتدت عليه الحرارة فقوي الملح على نسف الحر واليبس واشتدت يبوسته فظهرت على وجه الماء اللزج الذي هو يشبه الزيبق فانعقد حجراً بإفراط اليبس عليه وإنما انعقد ليكون ذهباً فأعقده عن الذهبية انعقاده باليبس والملوحة فلو انعقد باللين ولم يفرط عليه اليبس وبالحلاوة مكان الملوحة لكان ذهباً فلما انعقد وكان فيه ملوحة وشدة يبس نقص عن كيان الذهب فصار حجراً صلباً يأكل الأحجار كلها بملوحة طبيعته وشدة يبسه وإنما صار يتكسر للملوحة فبقيت الملوحة واليبس في جسده وإنما صار لا يفسده شيء غير الآبار لأنه ذهبي كما أن الآبار يفسد الذهب ويسحقه وإنما يسحق الآبار الماس لكثرة يبسه وذلك لاجتماع الكبريت الذي في الآبار مع ملوحة الماس لأن الملح الذي في الماس إذا أحس برائحة الكبريت تفتت وانسحق وإنما صار لون الماس أبيض لانعقاده بالرطوبة ودفع رطوبة الموضع عنه وهج النار فصار لذلك أبيض فهذه علة تكون الماس.
معدنه الذي يتكون فيه، يوجد في معدن الياقوت ويتكون فيه ويخرج منه كما يخرج الياقوت فهو حصاء معدن الياقوت إذا أخرجته الرياح والسيول من معدنه حسبما بيناه فيما سلف.
جيده ورديئه: الماس نوعان الزيتي والبلوري والزيتي أجودهما والبلوري أبيض شديد البياض كالبلوري والزيتي يخالط بياضه صفرة كلون الزجاج الفرعوني.
خواصه في ذاته: من خواصه أن جميعه ذو زوايا قائمة ست زوايا وثمان زوايا وأكثر من ذلك وأقل، يحيط بزواياه سطوح قائمة مثلثة الشكل إذا كسر فلا ينكسر إلا مثلثاً ومن خواصه أنه يقطع كل حجر يمر عليه وهو في نفسه عسر الانكسار وإن وضع على سندان حديد ودق بمطرقة لم ينكسر ودخل في وجه السندان ووجه المطرقة وكسرهما وإنما يكسر بأن يصير في شيء من الشمع ثم يدخل في أنبوب قصب وينقر بمطرقة غيرها برفق ومداراة بحيث لا يباشر جسمه الحديد حتى ينكسر أو يصير في أسربة ويفعل به ذلك.
ومن خواصه أن الإنسان إذا ابتلع منه قطعة ولو كانت أصغر ما يكون حرقت أمعاءه فقتلته على الفور ومن خواصه ما ذكره ارسطاطاليس من أن بينه وبين الذهب محبة ينشب به حيث كان حتى يخالط منه الحبة الخفيفة يعرف ذلك صباغ الذهب فإنهم إذا بردوه وقعت تلك الحبة تحت مباردهم فأكلت المبارد وأفسدتها ومن خواصه أنه يثقب الدر والياقوت والزمرد وغيرها من جميع ما لا يعمل فيه الحديد من الأحجار كما يثقب الخشب وذلك بأن تركب في رأس مثقاب حديد منه قطعة بقدر ما يراد من سعة الثقب وضيقه ثم يثقب به فيثقب بسرعة وأما طبعه فإنه بارد يابس في الدرجة الرابعة.
خواصه في منافعه منها ما ذكره أرسطاطاليس أنه من كانت به الحصاة الحادثة في المثانة من مجرى البول ثم أخذ حبة من هذا الحجر والصقها في مردود نحاس أو فضا بمصطكا إلصاقا محكماً ثم أدخل ذلك المردود إلى الحصاة فتتها قال أحمد بن أبي خالد المعروف بابن الجزار في كتابه في الأحجار وبهذا الفعل عالجت أنا وصيفاً الخادم من حصاة كانت به وامتنع من الفتح عليها بالحديد فلما فعلنا به هذا الفعل انسلخت الحصاة حتى صغرت وسهل عليه خروج ما بقي منها في البول ومن خواصه انه ينفع من المغص الشديد ومن فساد المعدة إذا علق على البطن من خارج.
عين الهر: معدنه الذي يتكون فيه هذا الحجر يوجد في معدن الياقوت مع الماس فهو حصباء معدن الياقوت كما ذكرناه عن الماس فيما سلف.
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 224