responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 21
قال أبو نواس (توفي سنة ثمان وتسعين ومائة) وفيه ثلاث روايات:
هبت لنا ريح شامية ... منت إلى القلب بأسباب
أدت رسالات الهوى بيننا ... عرفتها من بين أصحابي
يحكى أن الصاحب بن عباد رحمه الله تعالى (مولده سنة ست وعشرين وثلاثمائة ووفاته سنة خمس وثمانين وثلاثمائة) كان إذا سمع هذين البيتين ترنح لهما.
قال الشيخ شرف الدين أحمد بن يوسف القيسي حدثني من دخل سجستان وكرمان أن جميع أرحائهم ودواليهم تدور بريح الشمال قد جعلت منصوبة تلقائها، وأن هذه الريح تجري عندهم على الدوام صيفاً وشتاءً وهي في الصيف أكثر وأدوم وربما سكنت في اليوم والليلة أو مرات فيسكن كل رحى ودولاب بذلك الإقليم، ثم تتحرك فيتحرك وذكر أن هذه الدواليب المنصوبة بها اثنا عشر ألفا وتنقطع بانقطاعها قال والخصب والقحط في بلادهم معتبر بكثرة جريان ريح الشمال وقلته قال ولهم في الرحاء منافس تغلق ليقل ويكثر وذلك أنها إذا كانت قوية أحرق الدقيق فيخرج به أسوداً وربما حمي الرحاء فانفلق فهم يحتاطون لذلك بما ذكرناه.
والصبا تأتي مع مطلع الشمس وهي القبول والدبور يقابلها وهي معتدلة ولا سيما إن هبت قبل طلوع الشمس في زمن الربيع، وهي لطيفة صافية تذكي الأذهان وتبسط الأخلاق ولا سيما إن مرت بمروج أزهار نافعة فإنها تحمل قواها إلى القلب والدماغ.
وإلى نفعها أشار الشاعر:
وصبا أتت من قاسيون فسكنت ... بهبوبها وصب الفؤاد البالي
خاضت مياه النيرين عشية ... وأتتك وهي بليلة الأذيال
وقال سيف الدين المشد (ومولده سنة اثنين وستمائة، وتوفي سنة خمس وخمسين وستمائة)
مسكية الأنفاس تملى الصبا ... عنها حديثاً قط لم يملل
جننت لما أن سرى عرفها ... وما نرى من جن بالمندل
وقال مجير الدين الخياط (ومولده سنة خمسين وأربعمائة، ووفاته سنة أربع وعشرين وخمسمائة) :
يا نسيم الصبا الولوع بوجدي ... حبذا أنت لو مررت بهند
ولقد رابني شذاك فبالل? ... ?هـ متى عهده يا طلال نجد
وقال المهيار الديلمي وتلطف (توفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة) :
حملوا ريح الصبا نشركم ... قبل أن تحمل شيحاً وخزاما
وابعثوا لي في الدجى طيفكم ... إن أذنتم لجفوني أن تناما
وروى المرزبان بإسناده أن المجنون خرج مع أصحاب له ليمتار في وادي القرى فمر بجبلي نعمان فقالوا: إن هذين جبلا نعمان وقد كانت ليلى تنزلهما، قال فأي ريح تجري من نحو أرضها إلى هذا المكان، قالوا: الصبا، فقال والله لا أبرح حتى تهب الصبا فأقام في ناحية الجبل ومضوا فامتاروا لهم ولهم ثم أتوا فحبسهم حتى إذا هبت الصبا رحل معهم وفي ذلك يقول:
أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها
أجد بردها أو تشف مني حرارة ... على كبد لم يبق إلا صميمها
فإن الصبا ريح متى ما تنسمت ... على نفس مهموم تجلت همومها
وضمن البيت الأول الشيخ صفي الدين الحلي في مليح اسمه نعمان فقال:
أقول وقد عانقت نعمان ليلة ... بنور محياه أنار أديمها
وقد ارسلت الياه نحوي فسوة ... يروج كرب المستهام شميمها
أيا جبلي نعما بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها
أقول وعلى ذكر نعمان والكناية عنه فما ألطف ما ذكره الشيخ بدر الدين حسن بن زفر المتطبب الأربلي في كتابه روضة الجليس ونزهة الأنيس وهو أن بعض الرؤساء قال: أخبرني بعض الأصحاب قال كنت جالساً يوماً عند صديق لي بالموصل إذ جاءه كتاب من بغداد من صديقة له فيه نشوق وفيه هذا البيت عتاب وهو:
تناسيتم العهد القديم كأننا ... على جبلي النعمان لم نتجمعا
فأخذ يستحسن هذا البيت ويهتز له، فقلت له بالله عليك يا فلان أسألك شيئاً ولا تخفه عن، قال سل، قلت هذي معشوقتك صاحبة هذا البيت لأنها ذكرتك فيه بجبلي نعمان وجبلي نعمان كناية عند الظرفاء من الناس عن جانبي كفل المليحة والمليح، فقال والله ما أدركت من هذا البيت الذي أدركت.

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 21
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست