اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 186
فقاع ينفع المحرورين: يؤخذ من الخبز الحواري مثل ما يؤخذ من الشعير ويصنع منه فقاع ويضاف كرفس ونعنع وماء الرمان المز ويحلى بسكر بياض ويستعمل، وأهل دمشق يأخذون الفقاع الخرجى ويسمونه المسدب لأنه يعمل في كيزان محشوة بالسداب البري فينفضونه في الأواني النظيفة ويرمون فيه قطعة سكر بياض ويعصرون عليه ليمونا اخضر قدر ما يطيب لهم حمضه ويحركونه بعيدان نعنع بحيث يظهر طعمه فيه ظهوراً يسيرا ثم يبردونه بالثلج ويرش عليه الماء ورد وماء الخلاف ويستعملونه وهذه الصفة تنفع أصحاب الخمار وتشهى وتطيب النفس وتصرف، وأعلم أن جميع أنواع الفقاع تطيب بالأشياء المناسبة لمزاج شاربه، غن كان المزاج حاراً كانت المطيبات باردة وإن كان المزاج بارداً كانت المطيبات حارة.
أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين يوسف الزعيفراني رحمه الله:
وكيزان من الفقاع جاءت ... زكت طعما على الشهد المذاب
هدايا من أحبتنا ولكن ... كما قالوا على ورق السداب
صفة أقسما ملوكية: يؤخذ سكر أبيض يعقد جلابا رقيقا أرق ما يكون ويؤخذ دقيق أبيض مثلث يطبخ مثل العصيدة القوية بغير ملح ويبرد ويجعل في طست وتضرب باليد ويقلب عليها الجلاب مغرقة وكلاما زدت ضربها باليد زادت رغوتها إلى أن يصير لها قوام الحريرة الشديدة الثخينة ثم يقلب عليها فقاع خرجى وفي مصر عوض الفقاع اقسما فإذا صارت رقيقة اجعلها في وعاء نظيف ويكون فيه أثر دبس أو اثر عسل وأجعل معها قبضة سداب مربوطة وقبضة مع نعنع كذلك واظرف الطيب ويجعل في مكان والزنجبيل وجوز الطيب وماء ورد ومسك ويكثر فيها من أظرف الطيب ويجعل في مكان داف ويغطى بغطاء كبير فإنها تبقى جميعها كالرغوة ثم إنها تطلع فإذا طلعت خذ له غناء زجاج أو حقا يمينا وبخره بالعنبر واجعله فيها واستعمله وعند استعمالها انفض عليها فقاعاً خرجيا فهذا النوع من الأقسما وهو أطيب من المشروبات.
صفة نقوع مشمش يؤخذ المشمش اللوزي أو غيره يغسل من التراب والغبار غسلاً مستقصى ثم يصب عليه ماء اللينوفر وماء لسان الثور وماء ورد ويعصر عليه ماء رمان طري حامض ويرمى فيه طاقات نعنع ثم يحلى بسكر بياض ويترك حتى ينتقع المشمش في هذه المياه المذكورة نقعاً معتدلاً لا يبلغ أن يتهرى في إناء مبخر بالعنبر فإنه يجء في غاية الطيبة واللذة، ومن أراد أن يتنقل بالمشمش اليابس الطيب فيأخذ ماء ورد ومسكا يحلان في سكر فائق وقليل ماء ثم ينقع المشمش فيه بعد غسله بحيث لا يتهرى في نقعه بل يكون فيه قوة ظاهرة ثن يخرج المشمش من الماء المنقوع فيه ويجفف تجفيفاً معتدلاً في مكان نظيف ثم يتنقل به فإنه يكون في غاية الطيبة، ومن الأدعية المستعملة بين الناس قولهم هنيئاً مريئا فالهنئ الطعام الذي لا يحصل عقيب أكله أو هضمه ضرر والمرئ السريع الهضم.
الباب الرابع والثلاثون
في بيت الخلاء المطلوب
قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله الخلاء بالمد في الأصل هو المكان الخالي كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة ثم كثر حتى تجوز به عن غير ذلك ثقال أنس بن مالك (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخنث والخبائث بضم الخاء والباء جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة استعاذ من ذكور الشياطين وإناثهم قال بعضهم إذا كمكل للإنسان في داره حسن ثلاثة مواضع لم يبال فيما فاته منها وهي: مجلس السكن والدهليز والكنيف.
وفيه يقول المأموني:
بيت إذا ما زاره زائر ... فقد قضى أعظم أوطاره
يدخله المولى ببز كما ... يدخله العبد بأطماره
وهو إذا ما كان مستصقاً ... مروّة الإنسان في داره
وكان جعفر الصادق يقول من سعادة المرء سعة داره وحسن مجلسه ونظافة متوضاه.
حكى عن بعض الحمقى أنه استدان سبعمائة درهم وأنفقها على كنيف داره فبلغ ذلك بعض أصحابه الظرفاء فقال ليت شعري ما الذي يريد يخرى فيه وحكى أبو الفرج الأصبهاني في أخبار العرجي عن الأصمعي قال مررت بكناس يكنس كنيفاً وهو يغني:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر
فقلت أما سداد الكنيف فمعلوم وأما سداد الثغر فلا علم لنا بك كيف أنت فيه وكنت حديث السن وأردت العبث به فأعرض عني ملياً ثم أقبل علي وأنشد:
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 186