اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 182
ومن نوادر الصوفية انهم إذا أكلوا طعاماً عند أحد فقالوا أكل طعامك الأبرار وأفطر عندك الصائمون ولا يقولون وصلت عليك الملائكة إلا بعد الحلوء، قيل لأبي الحارث جمين ما تقول في الفالوذج قال وددت أنها وملك الموت اختلجا في صدري والله لو أن موسى لقى فرعون بفالوذج لا من ولكن لقيه بعصا، وقال أنس يرفعه: من لقم أخاه لقمة حلواء صرف الله عنه مرارة الموقف، اشترى رجل أحمالاً من السكر وأمر باتخاذ مسجد من السكر ذي شرف ومحاريب وأعمدة منقوشة ثم دعا الفقراء فهدموه ونهبوه ذكر ذلك الزمخشري في ربيع الأبرار، قدم فالوذج حار إلى مائدة عليها أبو هفان وأبو العيناء فقال له أبو هفان هذا آخر مكانك من جهنم فقال أبو العيناء أن كانت حارة فبردها بشعرك، وعن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من لعق العسل ثلاثا في كل شهر لم يصبه عظيم البلاء أبداً، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال شفاء أمتي في ثلاث: لعقة من عسل أو شرطة من حجام أو آية من كتاب الله، ونقلت من خط القاضي الفاضل واقعة غريبة اتفقت بالديار المصرية وهي أنه لما احرق شاور مصر أيام دخول الفرنج إليها كان بها رجل صالح وله أبنة مليحة احترقت دكانه في جملة ما احترق فرحل إلى البر الغربي وسكن في بعض القرى وجلس في حانوت سمان يرتفق به واتفق أن مقطع القرية رأى ابنته فهويها وجعل يروم أفسادها فلم يتسر له فخطبها من أبيها فما رضية كفؤا لها فشرع في أذيته وتسخيره وطرح عليه غرامة لا تلزمه وعزم على حبسه فسأل أمهاله مدة معينة فقال اكتب لي بها حجة علما منه أنه فقير ومتى حلت الحجة اخذ ابنته بتلك الحجة فكتب وأشهد عليه فلما انقضت الحجة جاء شاب واشترى منه عسلاً فأخذه في جرة ومضى فسقطت منه صرة مشدودة فأخذها الرجل وفتحها فوجد فيها عشرة دنانير فأخذها فلما جاءه المقطع طالبه ورفعه إلى القاضي فقال له احضر الحجة فأحضرها فدفع إليه العشرة دنانير الحجة وتخلص من الظالم فلما عاد إلى حانوته جاء الشاب الذي اشترى منه العسل وسقط منه الذهب وقال اجعلني في حل وأبرئ ذمتي فإني لما اشتريت أخذتها فلما حضرت اليوم وجدتها مرمية في طريقي فتعجب الرجل من ذلك وقال اشكر الله الذي رد عليك فأنت في حل من جهتي فلما كان ثاني يوم جاءه الظالم وقال اجعلني في حل فإني رأيت البارحة مناماً أزعجني بسبك وأما الذهب فإنه وقع مني وذلك لأني قد أخذته حراماً وقد تبت إلى الله تعالى مما جرى مني فشكر الله تعالى وتفرقا.
كتب الشيخ شرف الدين عيس العالية إلى سيدنا ومولانا الشيخ بدر الدين محمد الدماميني ملغزا في عسل:
يأيها المولى الرئيس ومن له ... ألفت مدحا كالجواهر نظمه
اسمع سمعت الخير لغزا محكما ... يمضي على الألغاز جميعاً حكمه
قالوا من الأطيار حقا أصله ... أكرم به أصلا يروقك طعمه
لكنه ما حاز منقارا ولا ... ريشا واجنحة ولست أذمه
والجسم منه ما حوى عظماً ولا ... لحما ويعجب من يراه جسمه
وبفرد عين كم بدا لمعاين ... لم يدر ما هي من تبلد فهمه
يا من له ذكر يفوح لناشق ... كالسمك حين يفيض عنه ختمه
قل للذي يبدي الدعاوي قل لنا ... ما أصل هذا في الطيور وما اسمه
إن قال هذا واضح فهو الذي ... قد غره فيما ادعاه وهمه
من أين يعرف اسم شيء ربما ... أكلته في وقت المجاعة أمه
فأجابه:
يا فاضلا بين المحاسن نظمه ... ولعزه قد ذل عجزاً خصمه
وطرّزت حلل البديع بمنطق ... منه علا بين الأفاضل رسمه
شرف لأغراض البلاغة سابق ... ومن الفضائل قد توفر سهمه
ألغزت في اسم عاطل حليته ... بنفس در صح فينا يتمه
فإذا أضفت القلب منه لاسمه ... قلنا بهذا الفعل قد وضح اسمه
وإذا عكست الأصل منه فهو أن ... أعربت لحنا ليس يجهل حكمه
قد كانت الأذهان منه خلية ... فحوت به شهدا لذيذا طعمه
وروى ابن سكرة حلاوة نظمه ... فقضى يتفطير المرارة همه
ورأى بعين لغزك الحلو الجنى ... عذب المذاق فحار فيه وهمه
وأعاذه بحلى أمير النحل إذا ... أضحى عليا في أفصاحه نظمه
فاسلم وصغ البيان لفهمنا ... يا من تحلى بالنباهة فهمه
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 182