responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 179
قلت وعلى ذكر النيل فلا بأس بإيراد نبذة مما قيل فيه، قال الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة في كتابه السكران ذكر المهدوى في تفسيره عن عبد الله بن عمر (أن الله تعالى سخر للنيل كل نهر يجري على وجه الأرض في المشرق والمغرب وذلله له فإذا أراد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فإذا انتهى جريه إلى ما قدره الله تعالى أمر كل نهر أن يرجع إلى عنصره ومصداق هذا إلا ترى أن النيل مخالف لكل نهر على وجه الأرض لأنه أن يزيد إذا نقصت وينقص إذا زادت لأنها والله اعلم تمده بمائها، وفي أصل النيل أقول للناس حتى ذهب بعضهم إلى أن مجراه من جبال الثلج وهي بجبل قاف وأنه يخترق البحر الأخضر بقدرة الله تعالى ويمر على معادن الذهب والياقوت والزمرد فيسير ما شاء الله تعالى إلى أن يأتي بحيرة الريح قال الحاكي لهذا القول ولولا ذلك يعني دخوله في البحر المالح وما يختلط به منه لما كان يستطاع أن يشرب منه لشدة حلاوته وقال قوم مبدأه من جبل القمر وانه ينبع من اثني عشر عينا واختلف في سبب زيادته ونقصانه فقال قوم لا يعلم ذلك إلا الله تعالى وكان الملك الصالح نجم أيوب يشتهى أن يعرف أصل هذا النيل فرسم أن تشتري عبيد صغار زنوج وما شاكلهم جلب لم يسعربوا وسلمهم لصيادي السمك والبحارة ليعلموهم صنعة البحر وصيد السمك وان يكون قوتهم من السمك لا غير فإذا مهروا في ذلك تصنع لهم مراكب صغار ليركبوا فيها ويأتوه بخبر النيل وكان فرعون يحي خراج مصر في كل سنة ألف ألف دينار فيأخذ الربع من ذلك لنفسه وأهل بيته وبيت ماله والربع الثاني لوزارته وامرأته وكتابه وجنده ويكنز الربع الثالث ذخيرة ويصرف الربا الرابع في حفر الخلجان وسد الترع وعمل الجسور ومصالح الأرض وكان في كل سنة إذا كمل التخضير ينفد مع قائدين من قواده أردبين من قمح فيذهب أحدهما إلى أعلى مصر والآخر إلى أسفلها فيتأمل القائد كل ناحية وأرض كل قرية فإن وجد موضعاً بائراً عطلا قد أغفل بذره كتب إلى فرعون بذلك وأعلمه اسم العامل وأخذ ماله وولده فربما عاد القائدان ولم يجد أحد منهما موضعاً لبذر الأردب لتكامل العمارة واستظهار الزرع وجباها عمرو بن العاص اثني عشر ألف دينار وكان ذلك أول دخوله إياها والكلام على ذلك طويل (ومما) قالت الفضلاء في النيل المبارك فمن ذلك قول علاء الدين والوداعي:
روَّ بمصر وبسكانها ... شوقي وجدد عهدي الخالي
وصف لي القرط وشنف به ... سمعي وما العاطل كالحالي
واروا يا سعد عن نيلها ... حديث صفوان بن عسال
وقال الشيخ زين الدين بن الوردي:
ديار مصر هي الدنيا وساكنها ... هم الأنام فقابلها بتقبيل
يا من يباهي ببغداد ودجلتها ... مصر مقدمة والشرح للنيل
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي:
رأيت في أرض مصر مذ حللت بها ... عجائباً ما رآها الناس في جبل
تسود عيني في الدنيا فلم أرها ... تبيض إلا إذا ما كنت في النيل
وقال الشيخ جمال الدين بن نياتة:
زادت أصابع نيلنا ... وطمت فأكمدت الأعادي
وأتت بكل جميلة ... ما ذي أصابع ذب أيادي
وقال الشيخ برهان الدين القيراطي:
لنيل مصر كمال في زيادته ... وفضله غير مخفى ومكتتم
إذا بدت لك من تياره شيم ... رأيته طاهر الأوصاف والشيم
وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ رحمة الله:
سما النيل إذ يحكى السما في انبساطه ... فللَّه ما أحلى وأصدقه حاكى
تسير به الأفلاك شرقاً ومغربا ... وحافاته ايضاً تحف بأملاك
وقال الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلى:
نشروا القلوع وبشروا بوفائه ... الراية البيضاء عليه بالوفاء
وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب:
لله يوم الوفا والخلق قد أجمعوا ... كالروض تطفو على نهر أزاهره
وقال الشيخ سديد الدين بن كاتب المرج:
يا نيل يا ملك الأنهار قد سقيت ... منك البرايا شرابا طيبا رغدا
وقد دخلت القرى تبغي منافعها ... فمعها بعد فرط النفع منك أذى
فقال تذكر عني أنني ملك ... وتثنى ناسيا أن الملوك إذا
وقال إبراهيم المعمار:
سمعت يوماً سد مصر يقل ... النيل وافي زائداً عندي
فكأن هذا خبر صادق ... فرحت أرويه عن السدي

اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست