اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 154
أهدى بعضهم إلى صديق له كبشا في يوم أضحية وكتب معه رقعة يصف سمنه فأجاب المهدى إليه وصلت رقعتك ففضضتها عن خط مشرق ولفظ مونق وعبارة مضيئة ومعان غريبة وتصرف بين جد أمضى من القدر وهزل أرق من نسيم السحر وتنقلت في وجوه الخطاب الجامع للصواب إلا أن الفعل قصر عنه القول لا بل ذكرت جملا جعلته بصفتك جملا واتساع في البلاغة يعجز عنها عبد الحميد في كتابته وسحبان في خطابته وكان المعيدى يسمع به لا يراه وحضر فرأيت كبشا متقادم الميلاد من نتاج قوم عاد قد أفنته الدهور وتعاقبت عليه العصور وظننته أحد الزوجين الذي جعلهما نوح في سفينته ليحفظ بهما جنس الغنم لذريته صغر من الكبر ولطف من القدم فبانت زمانته وتقاصرت قامته وعادنا حلا ضئلا باليا هزيلا بادى السقام عارى العظام جامعا للمعائب مشتملا على المثالب يعجب العاقل من حلول الحياة لنه عظم مخلد وصوف ملبد لا يوجد فوق عظامه سلب ولا تقع اليد منه إلا على خشب لو مر به الكلب لا ستجافه أو اطرح للذئب عند الخوى لعافه قد طال فقده الكلاء وبعد عهده لم ير الغثاء إلا نائماً ولا الشعير إلا حالما وقد تحيرت بين أن اقتنيته فيكون فيه عنا الدهر أو أذبحه فيكون جيفة على وجه النهر فلمت إلى استبقائه لما تعرفه من محبتي التوفير ورغبتي في التمييز وجمعي للولد وأدخاري للعدد فلم أجد فيه مستمتعاً للبقاء ولا مرفقاً للعناء لأنه ليس بأثنى فيحمل ولا يثنى فينسل ولا بصحيح فيرعى ولا سيلم فيبقى فلمت إلى الثاني من رأيك وعلمت على الأخرى من قولك فقلت أبحه ليكون وظيفة للعيال وأقيمه رطباً مقام قديد الغزال فأنشدني وقد أضرمت النار وحدت الشفار وشمر الجزار:
أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فىّ من سمنه ورما
ثم قال وما الفائدة لك في ذبحي وأنا لم يبق فيّ إلا نفس خافت ومقلة إنسانها باهت لست بذي لحم فأصلح للأكل لن الدهر قد أكل لحمي ولا جلدي يصلح للدباغ لأن الأيام قد مزقت أدمى ولا صوفي يصلح للغزل لأن الحوادث قد خصت وبرى وإن أردتنى للوقود فكف بعرأفتي من ناري ولن تفي حرارة جمري بريح قتارى ولم يبق إلا أن تطالبني بدحل أو بيني وبينك دم رجل فوجدته صادقاً في مقالته ناصحاً في مشورته ولم اعلم من أي حالة أعجب أم من مماطلته للدهر من أجل البقاء من صبره على الضر والبلاء أم من قدرتك عليه مع أعواز مثله أم من تأهيلك الصديق مع ما به خساسة قدره.
الباب التاسع والعشرون
فيما تحتاج إليه الأطعمة من البقول في السفرة
القول على القرع ويسمى الدباء قال ابن جزلة في المنهاج أجوده الرطب الأخضر الحلو وهو بارد رطب في الثانية وقال رومس إنه حار رطب ويتولد منه غذاء شبيه بما يصحبه فإن أكل بالخردل ولد خلطا حريفا وإن أكل بالملح ولد خلطا ملحا ومسلوقه يغذو غذاء يسيرا وينحدر سريعا وهو جيد للصفراء وبين وعصارته تسكن وجع الآذان مع دهن ورد وينفع من أورام الدماغ وسويقه بنفع من السعال ووجع الصدر من حره وهو لقطع العطش جيد ويلين البطن وإذا دفن في الخمر وشرب مع السكر نقع من الحميات وهو يفسد في المعدة لمخاطلة ردئ ويضر بأصحاب السوداء والبلغم.. انتهى رافع الأندلسي.
وقرع تبدى للعيون كأنه ... خراطيم أفيال لطخن بزنجار
الباذنجان: قال ابن القيس في الموجز قيل بارد وقيل حار يابس في الثانية وهو أصح يولد السوداء والسدد والسرطان والجرب السوداوي والبواسير والصلابة والجذام ويفسد اللون ويصفر ويبثر الفم انتهى كلامه.
الوصف: قال ابن المعتز فيه:
وابذنج بستان أنيق رأيته ... على طبق تحكيه مقلة راق
قلوب ظبا أفردت من كبودها ... على كل قلب منه مخلب عاشق
وقال ابن رشيق القيراواني:
وإذا صنعت غذاءنا ... فاجعله غير منبذج
إياك هامة أسود ... عريان أضلع كوسج
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 154