اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 140
الفصل: الخمسون في الاستحمام ومنافع الحمام ومضاره وكيفية استعماله منافع الحمام كثيرة وذلك لموافقتها لسائر الأمزجة من الحارة والباردة والرطبة واليابسة إذا استعملت على ما ينبغي وقد أشار جالينوس إلى ذلك بقوله أن الحمام نافع في الشتاء والصيف ولمن مزاجه حار أو بارد أو رطب أو يابس وقال أيضاً: إن الحمام علاج البدن من الضدين أن أخذه حار المزاج عدله بترطيبه وأن أخذه بارد المزاج أدفأه بحرارته وهي توسع المسام وتستفرغ الفضول وتحلل الرياح وتدر البول وتحبس الطبيعة وتنظف الوسخ والعرق وتذهب الحكة والجرب والإعياء وتلين بشرة البدن وتجود الهضم وتنشط الأعضاء المتشنجة وينضج الزلات والزكام وينفع من حميات يوم ومن الدق والربع والبلغمية بعد نضجها وينفع من وجع الجنب والصدر وينضج الربو ويسمن المهزول ويهزل السمين ويرقق الدم والفضول الغلظة اللزجة بحرارته ويرطب الأبدان اليابسة الخشنة برطوبته وقد قال جالينوس أن الحمام يحلل الكيموس اللذاع ويفيد البدن والأعضاء الأصلية نداوة ورطوبة صافية كل ذلك إذا استعمل على القانون الطبي ولها أيضاً مضار وهي أنها تسهل انصباب الفضول إلى الأعضاء الضعيفة وترخى الجسد وتضعف الحرارة الغزيزية والأعضاء العصبية وتسقط الشهوة وتضعف الباءة، قال وأفضل الحمام ما كان قديم البناء كثير الضواء مرتفع السقوف واسع البيوت عذب الماء طيب الرائحة وكانت حرارته بقدر كزاج الداخل إليه وكان وقوده بما ليس له كيفية ردئة وقد أحسن الذي قال: خير الحمام ما قدم بناؤه واتسع فناؤه وعذب ماؤه وقدر الأتان وقوده بحسب مزاج من أراد وروده، وقد قسم الحمام إلى ثلاث بيوت كل بيت أسخن من الذي قبله لئلا يكون الانتقال من البرد إلى الحر أو من الحر إلى البرد فجأة: فالبيت الأول مبرد مرطب والثاني مسخن مرطب والثالث مسخن مجفف وكذلك أن يكون الانتقال في بيوتها على تدرج، قال بختيشوع إياك أن تدخل الحمام أو خرج بغتة بل البث في كل بيت هنيئة واغسل رأسك بالسدر والطخه بقليل ملح وادخل الحمام كل جمعة مرة فإنك تأمن انتشار الشعر واستعمل المشط فإنه يقوى البصر ويحدث أريحة وزهوا وأخرج إلى المسلخ متدرجاً ثم صب عليك ثوباً نظيفاً طيب الرائحة وتجنب النساء يوماً وليلة، وقال ابن جميع فأما أصحاب الأمزجة الحارة فينبغى أن يقعدوا في البيت الأول قليلاً وفي الثاني دون الأول وفي الثالث دون الثاني وأصحاب البلغم والسوداء بالضد فإن يقصد بالحمام الترطيب أطيل المقام في الحوض ويكثر من رش الماء على أرض الحمام ليكثر البخار فيترطب الهواء وليتمرخ بالدهن ليزيد في الترطيب ويكون الخروج من الحمام قبل أن تلحقه منه مشقة مثل ضعف أو غثيان أو غشى أو شذر أو دوار أو سكتة أو صرع أو ما شابهها مثل هذه الأعراض الردئة فإن كان القصد بالحمام التجفيف أطيل المقام في البيت الحار ويقتصر على هوائه دون مائه ولاستعمال الماء البارد عقيب الحار منافع عظيمة وقال جالينوس: الاغتسال بالماء البارد عقيب الحار يقوى الأعضاء حتى القوى الجوهرية التي في الأعضاء لكن ينبغي أن لا يكون استعمال الماء البارد عقيب الحار بغتة بل بتدريج يستعمل الماء أولاً ممزوجاً بالبارد ثم ينتقل بعده إلى البارد ومن قصد تسمين بدنه فيدخل الحمام بعد تناوله الطعام ومن قصد تهزيله يدخل الحمام على خلو المعدة ويطيل الليث فيه ومن قصد حفظ صحته فيدخل الحمام عند آخر الهضم بحيث أنه إذا خرج منها يكون محتاجاً إلى الغذاء ويجب أن يجتنب الجماع في الحمام والنوم والفصد والحجامة فإن ذلك خطراً بينا وكذلك ينبغي أن يجتنب في الحمام وبعده استعمال الأشياء الباردة بالفعل لأن المسام حينئذ تكون مفتوحة فلا يلبث يندفع البرد إلى جوهر الأعضاء الرئيسية فيفسد قواها وكذلك ينبغي اجتناب استعمال الأشياء الحارة الشديدة الحرارة بالفعل أيضاً وخصوصاً الماء فإن ذلك يورث السل والقوى يصلب الأعضاء ويحلل الرطوبات والمعتدل يجلب الدم إلى ظاهر الجلد وأما التمريخ بالدهن بغير ذلك فيسد المسام ويمنع ما يتحلل وبعد الماء الحار يحفظ الحرارة من التحلل ويسخن ويرطب وبعد الماء يبرد ويرطب، وقال مهذب الدين بن هبل في كتاب المختار: خير الحمام ما كان قديم البناء فإن الحمام قريب العهد بالبناء تكون حيطانه ندية فتكون أراييح صهاريجه مضرة، قال بعض الشراح لهذا
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 140