اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 112
وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي في شرح لامية العجم أنشدني من لفظه الشيخ الإمام الحافظ العلامة أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف قال أنشدني من لفظه لنفسه بدر الدين أبو المحاسن محمد بن يوسف المهمندار في السلطان الملك الظاهر لما خاض الفرات:
لو عاينت عيناك يوم نزالنا ... والخيل تطفح في العجاج الأكدر
وسنا الأسنة والضياء من الظبا ... كشفا لاعيننا قتام العثير
وقد أطرخم الأمر واحتدم الوغى ... ووهى الجبان وساء ظن المجتر
لرأيت سدا من حديد مائد ... فوق الفرات وفوقه نار ترى
ظفرت وقد منعه الفوراس ردها ... تجري ولولا خيلنا لم تشكري
ورأيت سيل الخيل قد بلغ الربا ... ومن الفوراس أبحرا في أبحر
لما سبقنا أسهما طاشت لنا ... منهم إلينا بالخيول الضمر
لم يفتحوا للرمي منهم أعينا ... حتى كحلن بكل لدن أسمر
فتسابقوا هربا ولكن ردهم ... دون الهزيمة رمح كل غضنفر
ما كان أجري خيلنا في أثرهم ...
لولا إنها برءوسهم لم تعثر
كم قد فلقنا صخرة من صخرة ... ولكم ملأنا محجرا من محجر
ملأوا الفضاء فعن قليل لم ندع ... فوق البسيطة منهم من مخبر
سدت علينا طرقا قتلاهم ... حتى جنحنا للمكان الأوعر
من كل أشهب خاض في بحر الدما ... حتى باد لعيوننا كالأشقر
وجرت دماؤهم على وجه الثرى ... حتى جرت منها مجاري الأنهر
والظاهر السلطان في آثارهم ... يدوي الرءوس بكل عضب أبتر
ذهب العجاج مع النجيع بصقله ... فكأنه في غمده لم يشهر
وقال الأديب الفاضل الكامل الترحال جواب الآفاق برهان الدين إبراهيم الساحلي الشهير بالطوبخي المغربي ذكره العلامة لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة وأثني عليه الثناء البالغ وذكر أن وفاته سنة سبعمائة تسعة وثلاثين من قصيدة مطولة مدح بها أحد ملوك اليمن وأولها:
خطرت كمباد القنا المتناظر ... ورمت بألحاظ الغزال الأعفر
تسجي على الخد النقاب وإنما ... ترخي الغمام على الصباح المسفر
فتخال فوق الروض ظل أراكة ... وعلى ثرى الكافور صلة عنبر
وبملمع الصدغين مطرز وجنة ... زحفت عليه كتائب ابن المنذر
ما أمره زحفوا بعسكر تبع ... وتقلدوا بعزائم الاسكندر
السائمين الرمح من خلل الظبا ... والنجم من طرف السنان الأزور
والمطعمين الأسد منت أمثالها ... أسلا كل مجندل ومعفر
والخالعين على الزمان ملابسا ... نظمت مفاخرهم كنظم الجوهر
سلوا أسنته الضحى يوم الوغى ... فيعيدها بالليل أين العثير
وجياده بالعاديات وبيضه ... بالقارعات وكفه بالكوثر
قابل برعبك جيش صدك تنثني ... وأضرب بعزمك قبل سيفك تنصر
فرءوس من عاديت أغماد الظبا ... ودماء من ناويت زي السمهري
جرع عدوك فضل كأس قد سقى ... منها أبوه فإن أبي فليجبر
أعمد ذؤابته التي لم تستتر ... وحمام مزنته التي لم تمطر
أرسل عليه عقاب عزم صادق ... يستاق روح لعامه المستبشر
مزق ثياب العز عنه وخل في ... عطفيه حاشية الرداء الأحمر
هذي قواعد ملكه مدت إلى ... علياك جيد اللائذ المستنصر
ضاقت يداه بها وقل نصيره ... فيها فطلقها طلاق المعسر
خذها إليك محاجة من شاعر ... غاصت إليك بأبحر لم تسجر
مرضى العيون كليلة أجفانها ... إن لم تنر إنسانها لم تبصر
وقف ابن أوس دونها وتخضبت ... في نسج حلتها أكف البحتري
وأسحب ذيول العوز في أرض الندى ... وأركب ظهور الشهب يوم المفخر
وأضرب رواق العرقي أرض العلي ... وارفع سماك الفخر فوق المشتر
وقال القاضي الفاضل تغمده الله برحمته:
أهذه سير في المجد أم سور ... وهذه أنجم في السعد أم غرر
وأنمل أم بحار والسيوف لها ... موج وافرندها في لجها درر
وأنت في الأرض أم فوق السماء ففي ... يمينك البحر أم في وجهك القمر
يقبل البدر تربا أنت واطئه ... فللتراب عليه ذلك الأثر
نأى به الملك حتى قيل ذا ملك ... دنا به الجود حتى قيل ذا بشر
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 112