اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 104
المحذور فإن الأمور إذا جاءت خلاف الهوى بعد التأني فيها كان المرء فيها بحسن العذر خليقا وبالصبر عليها حقيقا وأني سائلة عنه حتى أعرف دخيلة خبره ويصح لي بالذي أريد علمه من أمره وأن كنت أعلم أن الاختيار لأحد فيما هو كائن ومعلمتكما بالذي يرينيه الله في أمره ولا قوة إلا بالله قالا وفقك الله وخار لك ثم انصرفا عنها فلما أعلماه بقولها أنشأ يقول فإن يك صدر هذا اليوم ولي فإن غدا لناظره قريب وتحدث الناس بالذي جرى من طلاق عبد الله بن سلام امرأته وخطبته ابنة معاوية وقالوا لم يطلق حتى فرغ من طلبه له الذي كان من بغيته واستحدث عبد الله أبا هريرة وأبا الدرداء فأتياها فقالا لها اصنعي ما أنت صانعته واستخيري الله فإنه يهدي من استهداه قالت أرجو والحمد لله أن يكون الله قد خار فإنه لا يكل إلى غيره من توكل عليه وقد اختبرت أمره وسألت عنه فوجدته غير ملائم ولا موافق لما أريد لنفسي مع اختلاف من استشرته فيه فمنهم الناهي عنه والآمر به واختلافهم أول ما كرهت فلما أبلغاه كلامها علم أنه مخدوع فإن المرء وأن كمل له حلمه واجتمع له عقله واستبد رأيه ليس يدافع عن نفسه قدراً برأي ولا كيد ولعل متا أسروا به واستحلوا به لا يدوم لهم سروره ولا يصرف عنهم محذوره قال وذاع أمره وفشا في الناس وقالوا خدعه معاوية حتى طلق امرأته وإنما أرادها لأبنه بئس ما صنع فلما بلغ ذلك معاوية قال لعمري ما خدعته فلما انقضت إقراؤها وجه معاوية أبو الدرداء إلى العراق خاطباً لها على ابنه يزيد فخرج حتى قدمها وبها يومئذ الحسين على بن ابن طالب (فقال أبو الدرداء إذ قدم العراق ما ينبغي لذي نهى أن يبدأ بشيء ويؤثره على مهم أموره قبل زيارة الحسين سيد شباب أهل الجنة فإذا دخلت موضعا هو فيه وأديت حقه والسلام عليه انقلبت إلى ما جئت إليه فقصد الحسين فلما رآه الحسين عليه السلام قام إليه وصافحه إجلالاً لصحبته من جده صلى الله عليه وسلم ولموضعه من الإسلام وقال له ما أتى بك يا أبا الدرداء قال وجهني معاوية خاطباً على ابنه يزيد أريب بنت إسحاق فرأيت على حقا أن لا أبدأ بشيء قبل السلام عليك فشكر له الحسين ذلك وأثني عليه وقال لقد كنت ذكرت نكاحها وأردت الإرسال إليها إذا انقضت إقراؤها فلم يمنعني مكن ذلك إلا تخير مثلك فقد أتى الله بك فاخطب رحمك الله على وعليه ليجري من اختاره الله لها وهي أمانة في عنقك حتى تؤديها إليها وأعطها من المهر مثل ما بذل لها معاوية عن ابنه فقال أفعل إن شاء الله فلما دخل عليها قال أيتها المرأة أن الله خلق الأمور بقدرته وكونها بعزته فجعل لكل أمر قدرا ولكل قدر سبباً فليس لأحد عن قدر الله مستخلص ولا للخروج عن علمه مستناص فكان ما سبق لك وقدر عليك من فراق عبد الله بن سلام إياك ولعل ذلك لا يعيرك ويجعل الله فيك خيراً كثيراً وقد خطبك أمير هذه الأمة وابن ملكها وولي عهده والخليفة من بعده يزيد بن معاوية والحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أول من أقر به من أمته وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة وقد بلغك سناهما وفضلهما جئتك خاطباً عليهما فاختاري أيهما شئت فسكتت طويلاً ثم قالت يا أبا الدرداء لو كان هذا الأمر جاءني وأنت غائب لأشخصت فيه الرسل إليك واتبعت فيه رأيك ولم اقتطعه دونك فأما إذا كنت أنت المرسل فيه فقد فوضت أمري بعد الله إليك وجعلته في يديك فاختر لي أرضاهما لربك والله شاهد عليك فاقض في قصدي بالتحري ولا يصدنك عن ذلك اتباع الهوى فليس أمرهما عليك خفيا ولا أنت عما طوقتك غبياً قال أبو الدرداء أيتها المرأة إنما على أعلامك وعليك الاختيار لنفسك فقالت عفا الله عنك إنما أنا بنت أخيك ومن لا غنا لها عنك ولا يمنعك رهبة أحد من قول الحق فيما طوقتك فقد وجب عليك أداء الأمانة فيما حملتك والله خير من روعي وحنف أنه بنا خبير لطيف فلما لم يجد بدا من القول والاستشارة قال يا بنية ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ لك وأرضي عندي والله أعلم بخيرهما لك وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً شفتيه على شفتي الحسين فضعي شفتيك حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم شفتيه قالت قد اخترت ورضيت فتزوجها الحسين بن علي عليهما السلام فساق لها مهراً عظيماً وبلغ معاوية الذي كان من فعل أبي الدرداء في ذلك نكاح الحسين
اسم الکتاب : مطالع البدور ومنازل السرور المؤلف : الغزولي الجزء : 1 صفحة : 104