اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 98
ابن حنش1 "رأيتهم يكتبون على أكفهم بالقصب عند البراء". وأكبر ظني أنهم كانوا يستخدمون ضربًا آخر من الأقلام يكتبون به -دون حبر- حينما تلجئهم الحاجة إلى أن يسجلوا بعض شئونهم في عجلة من أمرهم، ودون أن يعدوا للأمر عدته، فالشاعر الجاهلي الذي كان يحتضر فلم يجد وسيلة للكتابة إلا أن يتخذ من رحل قاتله صحيفة يكتب عليها ما كان يريد[2]، والصحابي الذي أوصى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب وصيته في مؤخر رحله[3]، والتابعي الذي كان يسمع الحديث من بعض الصحابة في الليل فيكتبه في واسطة رحله حتى يصبح فينسخه[4]، هؤلاء جميعًا لم يكونوا معدين للكتابة أمرها، ولم يكونوا متخذين لها أسبابها، وليس مما يقبله العقل أن يكونوا في مثل أحوالهم تلك يحملون معهم قصبهم المقطوط المبرى ودويهم الملأى بالمداد، وإنما كانوا -فيما أرجح- يكتبون بمادة تترك لونها أو أثرها على الرحل، ولعلها مادة طباشيرية، أو فحمية أو رصاصية، وقد أشارت إحدى الروايات إلى أن قيسبة بن كلثوم السكوني كتب على خسبة رحل أبي الطمحان القيني بسكين[5] وكذلك الشأن فيمن كانوا يكتبون على الحجارة، فقد كانوا ينقشون عليها نقشًا، ويستخدمون في نقشهم مواد صلبة ينحتون بها وينقشون.
وقد ورد ذكر القلم، مفردًا وجمعًا، بهذا المعنى الذي نقصده، ثلاث مرات في القرآن الكريم[6]. وورد ذكره كذلك في الشعر الجاهلي. قال عدي بن زيد7:
له عنق مثل جذع السحو ... ق والأذن مصعنة كالقلم
1 تقييد العلم: 105. [2] المفضليات: 459-460. [3] ابن سعد 3/ 3: 151. [4] تقييد العلم: 102. [5] الأغاني 11: 131. [6] العلق: 4، القلم: 1، لقمان: 27.
7 سمط اللآلي: 876. السحوق من النخل: الطويلة. مصعنة: منصوبة محددة.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 98