اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 560
فقد كتب جولد تسيهر في مجلة الجمعية الآسيوية الملكية -عدد إبريل سنة 1897- يقول[1]: "ولا بد أن كتاب بني تميم -الذي وجهت الأنظار إليه في مناسبة سابقة- قديم جدًّا، ومع ذلك فإن هذه العبارة من شعر بشر التي يذكر فيها هذا الكتاب، إذا كانت تشير حقيقة إلى مجموعة مدونة عن مآثر بني تميم وأشعارها، تجعل نسبة البيت إلى بشر بن أبي خازم واهية الأساس.
فليس من المحتمل -بل من المستحيل- أن توجد مثل هذه المجموعة في عصر مبكر كهذا العصر الذي عاش فيه بشر".
ولا نحب أن طيل في الحديث عن هذا البيت، غير أننا لا نملك أنفسنا من أن نلحظ أن كلام جولد تسيهر ليس إلا افتراضًا لم يقدم عليه دليلًا، ولم يدعمه بما يقيمه؛ وأن الأساس الوحيد الذي بنى عليه هذا الافتراض هو أنه "ليس من المحتمل -بل من المستحيل- أن توجد مثل هذه المجموعة في عصر مبكر كهذا العصر الذي عاش فيه بشر". وقد قلنا من قبل، في إسهاب وتفصيل، إن هذا الأساس واهٍ لأنه يعتمد على فكرة شاعت بين جمهرة الباحثين من العرب والمستشرقين، وهي: أن الجاهلية كانت أمية جاهلة -وهو ما سميناه "تجهيل الجاهلية". وقد بينا خطأ هذه الفكرة بما يغني عن إعادة القول فيها.
وقد قصدنا أن نؤخر الحديث عن هذا البيت، وأن نقدم الحديث عن الأخبار والنصوص التي تحدثنا عنها قبله، مبتدئين بالحقبة الواضحة بعض الشيء وهي النصف الثاني من القرن الثاني ثم نعود أدراجنا إلى الوراء: إلى العصر الأموي، ثم عصر صدر الإسلام، ثم العصر الجاهلي نفسه، نقول: قصدنا أن نسير في هذه السبيل حتى نمهد بين يدي هذا النص بأخبار وروايات تكشف عن اتصال تدوين هذه الكتب الشعرية، وحتى يبدو هذا البيت متصلًا اتصالًا طبيعيًّا بما تدل عليه تلك الأخبار. ثم إنه من التأويل الواهي الذي لا سند له يدعمه أن [1] انظر ترجمة المقال بقلم الدكتور حسين نصار في مجلسة الثقافة عدد 633، 12 فبراير سنة 1951.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 560