اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 53
الله صلى الله عليه وسلم، وثالث يكتب إلى الملوك ويجيب رسائلهم ويترجم بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية، وكتاب آخرون يكتبون الوحي. ثم يعقب المسعودي بعد أن ينتهي من ذكر أسماء هؤلاء الكتاب واختصاصهم بقوله: "وإنما ذكرنا من أسماء كتابه صلى الله عليه وسلم من ثبت على كتابته، واتصلت أيامه فيها، وطالت مدته، وصحت الرواية على ذلك من أمره، دون من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة إذ كان لا يستحق بذلك أن يُسمى كاتبًا ويضاف إلى جملة كُتَّابه".
فأي شيوع نرجوه للكتابة أكثر من أن يبلغ الكاتبون من الكثرة منزلة تجعلهم يتخصصون في أنواع ما يكتبون، يستقل كل فرد منهم أو كل جماعة بضرب واحد؟ وما أكثر هؤلاء الكتاب الذين يورد المسعودي ما شاء من أسمائهم ثم يقول إنه أغفل تسمية الذين كتبوا الكتاب الواحد والكتابين والثلاثة إذ كانوا لا يستحقون بذلك أن يُسموا كتابًا!! إن هذه الكثرة في عدد الكاتبين هي التي دعت عمر بن الخطاب إلى أن يقول[1]: "لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش وثقيف"، ودعت كذلك عثمان بن عفان إلى أن يقول: "اجعلوا المملي من هذيل والكاتب من ثقيف"؛ إذ لو كانت الكتابة قليلة بين العرب لقبل عمر وعثمان من أي كاتب أن يكتب، فحسبهما أن يعثرا على كاتب، ولما كان لهما هذا المجال للانتقاء والاختيار.
وعلى ضوء ما قدمنا نستطيع أن نفهم فداء الأسرى في بدر حين أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لمن كان كاتبًا من الأسرى أن يفدي نفسه بتعليم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة والقراءة[2]. إذ لا ريب أن هذا الإذن لم يكن منصبًّا على حالة فردية، وإنما يدل على أن هؤلاء الكاتبين من الأسرى كانوا جماعات.
ثم ما قيمة هذه الكتب التي كان يكتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم للأفراد [1] ابن فارس، الصاحبي: 28 [2] ابن سعد، الطبقات 2/ 1: 14.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 53