اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 46
فهذا الحديث -أولًا- لا يعني إلا ضربًا خاصًّا من الكتابة والحساب، هو حساب سير النجوم، وتقييد ذلك بالكتابة لمعرفة مطلع الشهر؛ فقد أخبر أن هذا الضرب من العلم المدون المسجل القائم على الحساب والتقويم لم يكن للعرب عهد به، ومن هنا علق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير.
وهذا الحديث -ثانيًا- لا يعني نفي الكتابة والحساب نفيًا عامًّا شاملًا, وذلك لأن عرب الجاهلية قد كانوا يكتبون ويحسبون، وإنما هو نفي لأن تكون الكتابة وأن يكون الحساب نظامًا عامًّا متبعًا في كل الشئون كما كان ذلك عند بعض الأمم الأخرى ذات التقاويم الفلكية.
ومن أجل هذا رأينا أن الحديث لا ينقض ما قدمنا من أمر معرفة العرب بالكتابة بعد أن أقمنا عليها من الشواهد والأدلة ما أقمنا.
-2-
لقد فرغنا منذ قليل من الإشارة إلى أن عرب الجاهلية قد عرفوا الكتابة العربية بهذا الخط الذي عرفه الصحابة، رضوان الله عليهم، في صدر الإسلام، وأن معرفة الجاهليين بهذه الكتابة قد امتدت، في الجاهلية، ثلاثة قرون على أقل تقدير، وأن ذلك ثبت بالبرهان القاطع، والدليل المادي الملموس الذي لا سبيل إلى دفعه. وسنفصل القول هنا، وفيما سيتلو من صفحات، في معرفة الجاهلية بالكتابة تفصيلًا يدعم ما أظهرته لنا النقوش الجاهلية ويزيد جوانب الأمر جلاءً ووضوحًا[1]. [1] من خير ما كتب في هذا الموضوع الفصل الذي عقده الدكتور أحمد محمد الحوفي في كتابه "المرأة في الشعر الجاهلي" من ص327-335.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 46