responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 309
نفسه من الكتابة، فأبطاله لا يكتبون ولا يقدرون على الكتابة، وحينما اقترعوا ليقرروا من يحارب هكتور وضع كل منهم علامته على سهمه ورماه في القلنسوة، ولكن لم يكن أحد يعرف غير علامته وحدها. وينتج من ذلك أنه لم يكن لديهم نظام مشترك للكتابة. غير أن هومر يميز وجود الكتابة في قصة Bellerophon، ففيها ذكر للكتابة ولكن هومر يلفها بألفاظ غامضة مبهمة ... وليس في الإلياذة، سوى ذلك، ذكر للكتابة. والنتيجة التي يمكن الوصول إليها هي أن الكتابة وُجدت، غير أن جمهور هومر ومستمعيه لم يهتموا بها وعدوها أمرًا شاذًّا. أما الشاعر نفسه فربما كانت حاله مختلفة عن ذلك. إذ لعله كان قد تعلم الكتابة من حيث هي سر من أسرار صناعته وكان حريصًا على ألا يكشف السر لجمهوره. وهذا الاحتمال يفسر غموض لغته وإبهامها في الموطن الوحيد الذي ذكرت فيه الكتابة، فسواد الناس يجب ألا يعرفوها، وحينما لا يكون بد من ذكرها، فيتجنب الوصف الواضح الدقيق.
ويرى باورا أن هذه الدلالات، على ضآلتها، ترجح أن هومر كان يكتب، ولكنه كان يكتب لفائدته هو ولاستعماله الشخصي لا من أجل أن تُقرأ قصيدته.
ففن الإلياذة جميعه يدل على أنه قصد منها أن تُنشذ وتُروى، لا لتحفظ في المكتبة؛ وهذه الحقيقة كما سنرى، توضح لنا بعض ملامحها الكبرى. فلا بد أن تختلف القصيدة المروية في طبيعتها وخصائصها عن القصيدة التي تُقصد للقراءة ... وهكذا نجد آخر الأمر أن لا قيمة كبرى لسؤالنا: هل كتب هومر أو لم يكتب؛ وإنما الأمر المهم هو أنه نظم قصيدته للرواية والإنشاد. وسواء أنظمها وهو يكتب على الورق أم نظمها في ذاكرته وعقله فذلك لا يؤثر في طبيعة القصيدة كما هي بين أيدينا.

اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 309
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست