responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 307
لا يدلنا على شيء، وفي الموطن الوحيد الذي يشير فيه إلى الكتابة يغلف إشارته بالغموض. وربما شعرنا حقًّا أن ملحمة طويلة مثل الإلياذة لا بد أنها كتبت لأن حفظها يؤود المرء. وقد اعتمد ولف على هذه الفكرة اعتمادًا كبيرًا، وهي تحتل مقامًا كبيرًا في "المقدمة". ولكن الأبحاث الحديثة فندت رأيه؛ فإن الرجال الذين لم تتعلم ذاكرتهم الاعتماد على الكتب يستطيعون أن يتذكروا قدرًا ضخمًا من الشعر، وقد وُجد بين معاصري xenophon من حفظ الإلياذة والأوديسة معًا. ونجد لعهدنا هذا من وصل إلى هذه المرتبة بل من زاد عليها. وبعد أن يضرب باورا على ذلك بضعة أمثلة يمضي في قوله: والإلياذة يصح، للنظرة الأولى، أن تكون من الشعر المكتوب، ويصح أن تكون من الشعر المروي. ويمكن أن تُدعم كل من هاتين النظريتين في أساسها بالأدلة، ويكاد يكون من المستحيل تغلب إحداهما على الأخرى. ثم يقول: ولا بد، في البدء، من التمييز بين الشعر الذي يكتب لفائدة الشاعر نفسه حسب، والشعر الذي يكتب ليقرأه الناس. وكثير من الشعر الذي قُصد منه أن يُنشد ويُروى كان يُكتب، ليكون في كتابته عون للشاعر المغني على الامتداد والطول اللذين لا يحتملان. فمخطوطة "أغنية رولاند" المحفوظة في أكسفورد ليست إلا نصًّا كان يحمله شاعر مغن ويستخدمه لإنعاش ذاكرته. بينما يبدو أن المخطوطة الوحيدة الباقية من "بيوولف" كان يُقصد منها أن يقرأها العلماء.... ومن الواضح أن الإلياذة لا تنتمي إلى هذا الضرب الثاني، فهومر لا يذكر شيئًا عن قراءة الكتب، وجميع فنِّه خاضع لضرورات الإنشاد؛ ولكن من الجائز أنها تنتمي إلى الضرب الأول، والحق أنها تبدو كذلك لأسباب مرجحة. فللقصيدة بناؤها وشكلها كما أرادهما الشاعر، ومن البعيد أن يستطيع إضفاء هذا الانسجام والوحدة عليها لو أنه نظمها في ذاكرته وعقله. فترابط المشاهد المختلفة، وما في القطع التالية من صدى القطع السابقة، واتصال الحكايات المنفصلة في ظاهرها، كل ذلك يبدو أنه لا يمكن تعليله لو أن الشاعر لم يكن بين يديه كتابه، ولم يستطع الرجوع إليه كلما احتاج، أو ليعيد النظر فيما كتب. حقًّا إن ملتون نظم "الفردوس

اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 307
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست