responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 277
موثقة[1] لا يسأل عمن أخذها هؤلاء، ولا يجد في انقطاع الإسناد عندهم ما يضعف من هذه الرواية. ومن هنا كان الإسناد في الرواية الأدبية هو القاعدة العامة في القرنين الثالث والرابع، يرتفع حتى يصل إلى هذه الطبقة الأولى من العلماء ثم يقف عندها لا يتجاوزها.
والأمر الثاني منبثق من هذا الأمر الأول. وذلك ما أشرنا إليه فيما تقدم من أن أمر الشعر الجاهلي كان عرضًا من أعراض هذه الدنيا، يرتزقون بروايته وذكر أخباره حينًا، وينتشون بما فيه من إمتاع فني حينًا آخر، يتحلون به في ثقافتهم العامة حينًا ثالثًا، ويتناولونه في جميع هذه الأحوال تناولًا فيه يسر وإسماح.
فلم يكن يتصل بأمور دينهم كما كان يتصل الحديث أو التفسير، ولم يكن يترتب عليه شأن من شئون التشريع أو الفقه، ولذلك وجدنا بعض المحدثين أنفسهم يضيقون بما يأخذون به أنفسهم وما يأخذهم به الناس من أمر الإسناد، والتشدد في رواية الحديث، والتحرج من الإكثار منها وتحري الضبط والدقة لئلا يقولوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل فيتبوءوا مقعدهم من النار.
ولا يجد هؤلاء لأنفسهم متنفسًا يتنفسون فيه أرحب وأوسع من رواية الشعر وإنشاده حيث لا حرج ولا إثم. ومن هنا كان التزام الإسناد المرفوع في رواية الحديث، وانقطاع الإسناد في رواية الأدب والشعر.
ومع أننا ذكرنا أن الإسناد في الرواية الأدبية لم يصبح قاعدة ملتزمة إلا في القرنين الثالث والرابع حيث يرتفع الإسناد إلى رجال الطبقة الأولى من علماء القرن الثاني، فإننا مع ذلك، نجد بعض علماء هذين القرنين يضيقون بهذا الإسناد الثاني -على قصره- فالمبرد مثلًا كان يهمل الإسناد حينما يتحدث أو يملي، ويبدو أنه كان مشهورًا بحذف الإسناد حتى قال نفطويه[2]: "ما رأيت أحفظ لأخبار

[1] يستثنى من ذلك ما سنذكره من أمر الخصومات التي قامت بين المدارس المختلفة أو بين أفراد المدرسة الواحدة.
[2] نزهة الألباء: 148، وانظر ياقوت، إرشاد 19: 112.
اسم الکتاب : مصادر الشعر الجاهلي المؤلف : الأسد، ناصر الدين    الجزء : 1  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست