اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 808
والجلوس بهذه فإنها سبيل من سبل النار، أو قال من سبل الشيطان، ثم التفت فقال: فإن أبيتم فأدوا حقّ الطريق، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: رد السلام وغض البصر وكف الأذى وهداية الضال وإغاثة المهلوف.
وقال الشعبي: من أراد أن يكثر علمه فليجتنب مجالس قومه. وقيل: المساجد مجالس الكرام.
ذمّ الجلوس في الشّمس وحمده
روي عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه رأى رجلا جالسا في الشمس، فقال: قم عنها فإنها مبخرة مجفرة تنغل الريح وتظهر الداء الدفين وتذهب شهوة الشتاء.
وقال أبو تمّام:
وإن صريح الحزم والرأي لامرؤ ... إذا أدركته الشمس أن يتحوّلا
ضيق المجلس
ما ضاق مجلس على محبين ولا اتسع لمتباغضين.
وقال الصاحب في معناه، وقد نقله من أبيات خراسانية:
كنّا وأسباب الهوى متّفقه ... نغدو من الورد معا في ورقه «1»
واليوم إذ أسبابه مفترقه ... قد صارت الدنيا علينا غلقه
وكثر تمثل الناس بقول الشاعر:
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكنّ أخلاق الرّجال تضيق
وقال ابن المعتزّ، وقد حضر قوما ضاق بهم المجلس:
لا تحسبنّ الدّهر يجمع حبه ... في قشرة إلّا كما نحن هنا
وقال آخر يعتذر من ضيق داره وقلّة زاده:
إن يضق منزلي فإنّي كريم ... واسع الخلق واسع الآداب
لست آسى على الكثير من الزا ... د إذا كان فيه قوت صحابي
الحثّ على التوسّع لمن حضر المجلس
قال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا. وقال الله تعالى: إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ
«2» (الآية) . حضر بعض الناس مجلس الحسن بن سهل، وكان المجلس ضيقا، فقال: تحّفزوا فإن في التحفز توسعه الجالس المستوفز. قيل: اثنان ظالمان رجل وسع له في مكان ضيق
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 808