وَصْفُ محاسنِ الجواري
هي روضةُ الحُسْنِ، وصورةُ الشمس، وبَحْرُ الأرضِ، كأنّها فلقةُ قَمَرٍ، على بُرجِ فِضةٍ، قد أثمرَ خَدُّها التفَّاح، وصدرُها الزُمّان، لَها عُنق كإبريق اللجين، وسرّةٌ كمدهن العاجِ، هي من وجهِها في نهارٍ شامس، ومن شعرِها في ليلِ دامس، مطلعُ الشمس من وجهِها، ومنبتُ الدُرِّ في ثغرِها، وملقط الوَردِ من خدِّها، ومنبع السِّحر من طرفِها، ومبادي الليل في شعرِها، ومَغرس الغُصنِ في قدِّها، سُريّةٌ سَرّيةٌ، الحسنُ في خَلقها، والطيبُ في خُلقِها.
وَخَطُ الشيْبِ وانتشاره
شَعَر الشيبُ بشَعرهِ، عرضَ البياضُ بعارضهِ، نَوَّرَ غُصن شبابهِ، ضحِك المشيبُ برأسه، لمعتْ نجومُ الشيب ليلَ شبابهِ، مَدّ الشيب طراراً على وجهه، طَرَّر الشيبُ بُردَ شبابهِ، ألَمَّ وفدُ الشيب بفَودَيْه، لاحَ أقحوانُ الشيب في بنفسَج شبابهِ، دَرَّتْ يَدُ الزمانِ كافوراً على مسكِهِ، وأقمرَ ليلُ شبابهِ، ألجَمَه الشيبُ بلجامِهِ، وقادَه بزِمامِهِ، بينما هو راقدٌ في ليلِ شبابِهِ، إذ أيقظَ صبح المشَيب.
الاكتهالُ والاحتفال والارعواءُ عن مجاهل الشباب
قضى باكورةَ الشباب، وأنفقَ عمرَه بغير حساب، أخلق بُردةَ الصِّبا ونهتهُ النُهى عن الهوى، التفت إلى الأَربعين، وشارفَ طلاع الخمسين، انتهى شبابهُ، وشابَ أترابُهُ، استبدل بالأدهم الأبلق، وبالغُداف العَقْعَق، فل الدَّهر شَبا شبابهِ، ومحا محاسنَ
اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 90