استحكامُ الشَّيبِ وبلوغُ الشيخوخة
عرفَ الستين فأنكر نفسَه، صار في مَعرك المنايا، تضاعفتْ عقودُ عمرِه، وأخذتِ الأيام من جسمِهِ، فُلانٌ أحدٌ ذوو الأسنانِ العالية، والصُّحبةِ للأيام الخالية.
الهَرَمُ ومشارفَةُ الفناء
شيخ قد تراخى مَداهُ، وذهب أطيباهُ، همّ هَرِمٌ، قد أخذَ الزمانُ من عقلِه كما أخذَ من عمرهِ، حتى قوّسه الكِبَرُ، ثقلتْ عليه الحَرَكة، وأخذته السَنُّ العالية، اختلفت إليه رسل المَنيةِ، ما هو إلا شمسُ العصرِ على القَصْرِ، أركانه قد وَهَتْ، ومُدّته قد تناهتَ، هل بعد الغاية منزلَةٌ، أم بعدَ المشيب غَيرَ الموت مَرْحلةٌ، ليس بعد الخرف إلا التَّلَف، قد أخلَق عمرُه، وانطوى عَيشُهُ، وبلَغَ ساحلَ الحياةِ، ووقفَ على ثنية الوداع، وأشرفَ على دارِ المقام، وشَدَّ رحلَه للرحيل، وللَحاق باللطيف الخبير.
اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 91