اسم الکتاب : قصة الأدب في الحجاز المؤلف : عبد الله عبد الجبار الجزء : 1 صفحة : 250
مأثورات من النثر الحجازي 1:
1- من حديث أم معبد, الذي حدث به حبيش بن خالد -رضي الله عنه- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر، ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة -رضي الله عنهما- ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة[2] جلدة, تختبئ بفناء قبتها ثم تسقي وتطعم, فسألوها تمرا ولحما ليشتروا منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين[3], فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شاة في كسر الخيمة فقال: "ما هذه الشاة يا أم معبد؟ " قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال: "هل لها من لبن؟ " قالت: هي أجهد من ذلك. قال: "أتأذنين لي أن أحلبها؟ "، قالت: نعم بأبي أنت وأمي, إن رأيت بها حلبا فاحلبها. فدعا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها، فتفاجت[4] عليه ودرّت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط[5], فحلب فيه ثجا6 حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم ثم أراضوا، ثم حلب فيه ثانيا بعد بدء حتى امتلأ الإناء ثم غادره
1 نعد هذا نثرا جاهليا؛ لأنه قبل تمام الهجرة، وصاحبة هذا النثر لم تكن أسلمت أو تأثرت بالقرآن الكريم. [2] برزة هي من النساء الجليلة التي تظهر للناس، ويجلس إليها القوم، وأيضا هي الموثوق برأيها وعفافها. [3] مرملين أي: نفد زادهم, وأصله من الرمل، كأنهم لصقوا به، كما قيل للفقير الترب. ومسنتين أي: مجدبين أصابتهم السنة, وهي القحط. [4] فتفاجت, التفاج: المبالغة في تفريج ما بين الرجلين، وضمير عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. [5] يربض الرهط, أي: إنه يرويهم حتى يثقلهم، فيربضوا: فيناموا لكثرة اللبن الذي شربوه، ويمتدوا على الأرض، من ربض بالمكان يربض: إذا لصق به وقام ملازما له.
6- ثجا أي: لبنا سائلا كثيرا. والبهاء يريد به بهاء اللبن وهو وبيص رغوته، وبهاء اللبن ممدود غير مهموز لأنه من البهى.
اسم الکتاب : قصة الأدب في الحجاز المؤلف : عبد الله عبد الجبار الجزء : 1 صفحة : 250